للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحمد لله الذي جعلني سببا لإيصال الراحة إلى عبادة، ثم ركب حينئذ] (١) .

ولم يزل مستقلا بالأمر بعد أمور يطول شرحها إلى أن توفي يوم الثلاثاء لعشر بقين من جمادى الأولى سنة خمس وخمسين وثلثمائة بمصر، وقيل إنه توفي يوم الأربعاء، وقيل توفي سنة خمس وخمسين وثلثمائة، وقيل سنة سبع وخمسين [وهو قول القضاعي في كتاب الخطط، والله أعلم، وكذا قال الفرغاني في تاريخه أيضا، رحمه الله تعالى] (٢) والأول أصح، ودفن بالقرافة الصغرى، وقبته مشهورة هناك (٣) ، ولم تطل مدته في الاستقلال على ما ظهر من تاريخ موت علي بن الإخشيد إلى هذا التاريخ.

وكانت بلاد الشام في مملكته أيضا مع مصر (٤) وكان يدعى له على المنابر بمكة والحجاز جميعه والديار المصرية وبلاد الشام من دمشق وحلب وأنطاكية وطرسوس والمصيصة وغير ذلك، وكان تقدير عمره خمسا وستين سنة على ما حكاه القرغاني في تاريخه، والله أعلم.

[وكانت أيامه سديدة جميلة، ووقع الخلف فيمن ينصب للأمر بعده، إلى أن تقرر الأمر وتراضت الجماعة بولد أبي الحسن علي بن الإخشيد، وكانت ولاية كافور سنتين وثلاثة أشهر إلا سبعة أيام، وخطب لأبي الفوارس أحمد بن علي بن الإخشيد يوم الجمعة لسبع بقين من جمادى الأولى سنة سبع وخمسين، وبقية خبرهم مذكورة في ترجمة جده محمد الإخشيد] (٥) .


(١) انفردت ر بما بين معقفين، وفي النص بعض اضطراب.
(٢) زيادة من ر.
(٣) زاد في ر: ولما دفن كتب على قبره بالقرافة الصغرى بقبة هناك مشهورة:
انظر إلى عبر الأيام ما صنعت ... أفنت أناساً بها كانوا وما فنيت
دنياهم ضحكت أيام دولتهم ... حتى إذا فنيت ناحت لهم وبكت وانظر النجوم الزاهرة ٤: ١٠ وفيه أن تابوته حمل إلى القدس فدفن به.
(٤) هنا تنتهي الترجمة في ر.
(٥) ما بين معقفين سقط من النسخ الخطية وأثبتناه من المطبوعة؛ وفي هامش س حكاية ليست من الأصل وهي: " قيل كان في دار كافور قهرمانة بغدادية ما تهدأ من البكاء على ابنة لها خلقتها ببغداد بنت سبع سنين فقال لها كافور: منذ كم غبت عنها فقالت: من ثمان سنين، فأرسل كافور أمراً إلى صاحب له ببغداد وأمره بتحصيلها وإنفاذها، فحملت إلى مصر وقد صارت بنت ست عشرة سنة وحسنت؛ فلما صارت في دار كافور قال للجواري: أخرجنها علي في جوار يعرضن للبيع ولا تعلم القهرمانة، وتكون هي التي تخرجهن فجاءت إليه القهرمانة فقالت: يا مولاي، قد جاؤوا بالجواري فأعرضهن عليك فقال: افعلي، فاخرجتهن وبنتها فيهن ولا تعلم، فلما عرضن قال كافور للقهرمانة: ما فيهن إلا هذه الصبية، وأراها مليحة، فأيش عندك فقالت القهرمانة: نعم يا مولاي، هي والله مليحة حلوة، فقال لها: ويحك هي ابنتك، أرسلت إلى بغداد وتلطفت في أمرها حتى حملت إليك من بغداد، فقبلت الأرض بين يديه وبكت بكاء شديداً فكأنها القائل في بعض شعره:
هجم السرور علي حتى إنه ... من عظم ما قد سرني أبكاني
يا عين صار الدمع عندك عادة ... تبكين في فرح وفي أحزان ثم ضمت بنتها إليها واشتد بكاؤها وبكى كافور لبكائهما لما رأى من شوق كل واحدة منهما إلى الأخرى.

<<  <  ج: ص:  >  >>