وجلس على سرير الملك بها ثم عاد إلى دمشق وأقام بها إلى أوائل سنة ست وسبعين وستمائة، فتوفي بها في يوم الخميس السابع والعشرين من المحرم من سنة ست المذكورة بقصر الميدان، ونقل ليومه إلى القلعة وكتم موته، وقام مملوكه وعتيقه الأمير بدر الدين بيلبك المعروف بالخازندار بتدبير الأمور والعساكر وتوجه بهم إلى مصر ودخلها في شهر صفر من السنة ووطد قواعد السلطنة لولده السعيد ناصر الدين محمد بركة قان، واستمرت المملكة.
ثم توفي بدر الدين الخازندار في شهر ربيع الأول من السنة المذكورة. وفي أثناء هذه السنة أظهر موت الملك الظاهر ودفن بالتربة المجاورة للمدرسة التي أنشأها ولده الملك السعيد المذكور بدمشق المحروسة شمالي الجامع قبالة المدرسة العادلية الكبيرة.
(١٦٢) وأقام ولده الملك السعيد في المملكة إلى سنة ثمان وسبعين وستمائة. وفي هذه السنة وصل إلى دمشق وزار قبر والده المذكور وأقام بدمشق مدة يسيرة. وجرت أسباب أوجبت تغير قلوب الأمراء، وانفصل أكثر العساكر عنه (١) وفارقوه وتوجهوا طالبين الديار المصرية وتبعهم هو فيمن بقي من عسكره وفيمن عنده من مماليك أبيه وعسكر الشام ومعه من الأمراء الكبار شمس الدين سنقور الأشقر العلائي والأمير علم الدين سنجر الحلبي الكبير وغيرهما، ثم جرت أمور يطول شرحها، خلاصتها انه شق جموعهم بنفسه ودخل قلعة مصر في العشر الأواخر من ربيع الأول من السنة، ثم حاصروه بها وأنزلوه منها وأعطوه قلعة الكرك، وهي قلعة حصينة بين الشام ومصر على فم البرية الحجازية، فأقام بها إلى أن توفي في يوم الجمعة حادي عشر ذي القعدة سنة ثمان وسبعين وستمائة ودفن بالرك مدة ثم نقل إلى دمشق المحروسة في شهر جمادى من سنة ثمانين وستمائة ودفن على والده في التربة المجاورة للمدرسة المذكورة التي أنشأها. وهذه المدرسة على الفريقين أصحاب الإمام الشافعي وأبي حنيفة رضي الله عنهما، وافتتح بذكر الدرس فيها يوم الأربعاء سابع عشر صفر سنة سبع
(١) زاد في ر هنا: " في العشر الآخر من شهر ربيع الآخر من السنة " وهو مخالف لمات سيأتي.