للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحكام عند التباس الأحكام انه كان في خدمة القاضي محيي الدين عند توجهه إلى بغداد في إحدى الرسائل، وناهيك بمن يكون في خدمته مثل هذا الرجل - وسيأتي ذكره إن شاء الله تعالى.

وكان محيي الدين المذكور جوادا سريا، قيل إنه انعم في بعض رسائله إلى بغداد بعشرة آلاف دينار أميرية (١) على الفقهاء والأدباء والشعراء والمحاويج، ويقال إنه في مدة حكمه بالموصل لم يعتقل غريما على دينارين فما دونهما، بل كان يوفيهما عنه ويخلي سبيله (٢) ويحكى عنه مكارم كثيرة ورياسة ضخمة، وكان من النجباء عريقا في النجابة تام الرياسة، كريم الأخلاق رقيق الحاشية، له في الأدب مشاركة حسنة وله أشعار جيدة، فمن ذلك ما أنشدني له بعض الأصحاب في وصف جرادة (٣) ، وهو تشبيه غريب:

لها فخذ بكر وساقا نعامة ... وقادمتا نسر وجؤجؤ ضيغم

حبتها أفاعي الرمل بطنا وأنعمت ... عليها جياد الخيل بالرأس والفم ورأيت له في بعض المجاميع هذين البيتين، وهما في وصف نزول الثلج من (٤) الغيم:

ولما شاب رأس الدهر غيظا ... لما قاساه من فقد الكرام

أقام يميط هذا الشيب عنه ... وينثر ما أماط على الأنام وكانت ولادته سنة عشر وخمسمائة تقريبا، وقال العماد الكاتب في الخريدة (٥) : مولده سنة تسع عشرة، والله أعلم، وزاد في كتاب السيل في شعبان. وتوفي سحرة يوم الأربعاء رابع عشر جمادى الأولى سنة ست وثمانين


(١) أميرية: سقطت من ن من؛ بر: ميرية.
(٢) زيادة من ر.
(٣) ر: في الجرادة.
(٤) ل لي س بر من: مع.
(٥) الخريدة ٢: ٢٣٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>