ثعلب وابن السكيت وغيرهم. وناقش العلماء واستدرك عليهم وخطأ كثيرا من نقلة اللغة، وكان رأسا في كلام العرب، وكان يزعم أن أبا عبيدة والأصمعي لايحسنان شيئا، وكان يقول: جائز في كلام العرب ان يعاقبوا بين الضاد والظاء، فلا يخطئ من يجعل هذه في موضع هذه، وينشد:
إلى الله أشكو من خليل أوده ... ثلاث خلال كلها لي غائض بالضاد، ويقول: هكذا سمعته من فصحاء العرب.
وكان يحضر مجلسه خلق كثير من المستفيدين ويملي عليهم؛ قال أبو العباس ثعلب: شاهدت مجلس ابن الأعرابي، وكان يحضره زهاء مائة إنسان، وكان يسأل ويقرأ عليه فيجيب من غير كتاب، ولزمته بضع عشرة سنة ما رأيت بيده كتابا قط، ولقد أملى على الناس مايحمل على أجمال، ولم ير أحد في علم الشعر أغزر منه (١) . ورأى في مجلسه رجلين يتحادثان، فقال لأحدهما: من أين أنت فقال: من إسبيجاب، وقال للآخر: من أين أنت فقال: من الأندلس، فعجب من ذلك وأنشد:
رفيقان شتى ألف الدهر بيننا ... وقد يلتقي الشتى فيأتلفان ثم أملى على من حضر مجلسه بقية الأبيات وهي:
نزلنا على قيسية يمينية ... لها نسب في الصالحين هجان
فقالت وأرخت جانب الستر بيننا ... لأية أرض أم من الرجلان
فقلت لها: أما رفيقي فقومه ... تميم، وأما أسرتي فيماني
رفيقان شتى ألف الدهر بيننا ... وقد يلتقي الشتى فيأتلفان ومن أماليه ما رواه أبو العباس ثعلب قال: أنشدنا ابن الأعرابي محمد بن زياد المذكور:
(١) وكان يسأل.... أغزر منه: تأخر هذا النص في ر والمختار إلى ما بعد الأبيات النونية.