ضخمة لبسها بنوه من بعده زمانا. وكان يستعظم أدب المؤيد بالله أيام صباه ويصف رجاحته وحجاه، ويزعم أنه لم يجالس قط من أبناء العظماء من أهل بيته وغيره في مثل سنة أذكى منه ولا أحضر يقظة وألطف حسا وأرزن حلما، وذكر عنه حكايات عجيبة.
وكان الزبيدي المذكور شاعرا كثير الشعر، فمن ذلك قوله في أبي مسلم ابن فهر:
أبا مسلم إن الفتى بجنانه ... ومقولة لا بالمراكب واللبس
وليس ثياب المرء تغني قلامه ... إذا كان مقصورا على قصر النفس
وليس يفيد العلم والحلم والحجا ... أبا مسلم طول القعود على الكرسي وكان في صحبة الحكم المستنصر، وترك جاريته بإشبيلية فاشتاق إليها، فاستأذنه في العود إليها فلم يأذن له، فكتب إليها:
ويحك يا سلم لا تراعي ... لا بد للبين من زماع
لا تحسبني صبرت إلا ... كصبر ميت على النزاع
ما خلق الله من عذاب ... أشد من وقفة الوداع
ما بينها والحمام فرق ... لولا المناجاة والنواعي
إن يفترق شملنا وشيكا ... من بعد ما كان ذا اجتماع
فكل شمل إلى فراق ... وكل شعب إلى انصداع
وكل قرب إلى بعاد ... وكل وصل إلى انقطاع وكان كثيرا ما ينشد:
الفقر في أوطاننا غربة ... والمال في الغربة أوطان
والأرض شيء كلها واحد ... والناس إخوان وجيران وكان قد قيد الأدب واللغة على أبي علي البغدادي المعروف بالقالي - المقدم ذكره (١) - لما دخل الأندلس، وسمع من قاسم بن أصبغ وسعيد بن فحلون وأحمد