للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وما أشكو تلون أهل ودي ... ولو أجدت شكيتهم شكوت

مللت عتابهم ويئست منهم ... فما أرجوهم فيمن رجوت

إذا أدمت قوارصهم فؤادي ... كظمت على أذاهم وانطويت

ورحت عليهم طلق المحيا ... كأني ما سمعت ولا رأيت

تجنوا لي ذنوباً ما جنتها ... يداي ولا أمرت ولا نهبت

ولا والله ما أضمرت غدراً ... كما قد أظهروه ولا نويت

ويوم الحشر موعدنا وتبدو ... صحيفة ما جنوه وما جنيت وله بيتان في هذا الروي والوزن كتبهما في صدر كتاب إلى بعض أهل بيته في غاية الرقة والحسن، وهما:

شكا ألم الفراق الناس قبلي ... وروع بالنوى حي وميت

وأما مثل ما ضمت ضلوعي ... فإني ما سمعت ولا رأيت والشيء بالشيء يذكر، أنشدني الأديب أبو الحسين يحيى بن عبد العظيم المعروف بالجزار المصري (١) لنفسه في بعض أدباء مصر، وكان شيخاً كبيراً، وظهر عليه جرب فالتطخ بالكبريت، قال: فلما بلغني ذلك كتبت إليه:

أيها السيد الأديب دعاءً ... من محب خال من التنكيت

أنت شيخ وقد قربت من النا ... ر فكيف ادهنت بالكبريت ونقلت من خط الأمير أبي المظفر أسامة بن منقذ المذكور لنفسه، وقد قلع ضرسه، وقال: عملتهما ونحن بظاهر خلاط، وهو معنى غريب ويصلح أن يكون لغزاً في الضرس:

وصاحب لا أمل الدهر صحبته ... يشقى لنفعي ويسعى سعي مجتهد


(١) الجمال أبو الحسين الجزار، كان أبوه وأقاربه جزارين بالفسطاط وكان هو في أول أمره قصاباً فحام على الأدب مدة حتى اشتهر. وشعره سهل يلقى قبولاً لسهولته وخفة روحه؛ وقد تجول كثيراً في البلاد المصرية وتوفي سنة ٦٧٩ (المغرب: ٢٩٦ وحسن المحاضرة ١: ٣٢٧ والشذرات ٥: ٣٤٦ والنجوم الزاهرة ٧: ٣٤٥ والمسالك ١٢: ١٦٦ والفوات ٢: ٣١٩) .

<<  <  ج: ص:  >  >>