للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذه القصيدة من قصائده الطنانة، ولولا طولها لأوردتها كلها.

[وله أيضا:

والله لولا أن يسفهني الهوى ... ويقول بعض القائلين تصابى

لكسرت دملجها بضيق عناقه ... ورشفت من فيها البرود رضابا] (١) وفي هذا الأنموذج دلالة على علو درجته وحسن طريقته. وديوانه كبير، ولولا ما فيه من الغلو في المدح والإفراط المفضي إلى الكفر لكان من احسن الدواوين، وليس في المغاربة (٢) من هو في طبقته: لا من متقدميهم ولا من متأخريهم، بل هو أشعرهم على الإطلاق، وهو عندهم كالمتنبي عند المشارقة، وكانا متعاصرين، وإن كان في المتنبي مع أبي تمام من الاختلاف مافيه.

وما زلت أتطلب تاريخ وفاة ابن هانيء المذكور من التواريخ والمظان التي يطلب منها فلا أجده، وسألت عنه خلقا كثيرا من مشايخ هذا الشأن فلم أجده، حتى ظفرت به في كتاب لطيف لأبي علي الحسن بن رشيق القيرواني سماه قراضة الذهب (٣) فألفيته كما هو مذكور هاهنا، ونقلت مدة عمره من موضع آخر رأيت بعض الأفاضل قد اعتنى بأحواله فجمعها وكتبها في أول ديوانه، وذكر مدة العمر، ولم يذكر تاريخ الوفاة لأنه ماعثر عليه.

ويقال إن أبا العلاء المعري كان إذا سمع شعر ابن هانئ يقول: ما أشبهه إلا برحى تطحن قرونا، لأجل القعقعة التي في ألفاظه، ويزعم أنه لاطائل تحت تلك الألفاظ، ولعمري ما أنصفه في هذا المقال، وما حمله على هذا فرط تعصبه للمتنبي، وبالجملة فما كان إلا من المحسنين في النظم (٤) ، والله أعلم.


(١) زيادة من مج.
(٢) ت ل لي بر: للمغاربة.
(٣) طبع في سلسلة الرسائل النادرة (مكتبة الخانجي، القاهرة: ١٩٢٦) .
(٤) تعليق بهامش س: لقد صدق المعري وأخطأ القاضي، ولم يكن له علم بالشعر. ولقد ذكر في هذا الباب في شعراء المغاربة جماعة لا يعد ابن هانئ في طبقتهم ولا يقاربهم، وحسبك بابن عمار هذا (انظر الترجمة التالية) .

<<  <  ج: ص:  >  >>