للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومنا يشكو الغربة وما قاساه فيها:

أشكو إليك نوى تمادي عمرها ... حتى حسبت اليوم منها أشهرا

لا عيشتي تصفو، ولا رسم الهوى ... يعفو، ولا جفني يصافحه الكرى

أضحي عن الأحوى المريع محلاً (١) ... وأبيت عن ورد النمير منفرا

ومن العجائب أن يقبل ظلكم (٢) ... كل الورى، ونبذت وحدي بالعرا وهذه القصيدة من أحسن الشعر، وعندي هي خير من قصيدة أبي بكر ابن عمار الأندلسي التي أولها - وهي على وزنها ورويها وقد تقدم ذكر شيء منها في ترجمته -:

أدِرِ الزجاجة فالنسيم قد انبرى ... فلما وقف عليه الملك العادل أذن له في الدخول إلى دمشق، فلما دخلها قال (٣) :

هجوت الأكابر في جلقٍ ... ورعت الوضيع بسب الرفيع

وأخرجت منها ولكني ... رجعت على رغم أنف الجميع وكان له في عمل الألغاز وحلا اليد الطولى، فمن كتب إليه بشيء منها حله في وقته وكتب الجواب أحسن من السؤال (٤) نظماً. ولم يكن له غرض في جمع شعره، فلذلك لم يدونه، فهو يوجد مقاطيع في أيدي الناس، وقد جمع له بعض أهل دمشق ديواناً صغيراً لا يبلغ عشر ما له من النظم، ومع هذا ففيه أشياء ليست له.

وكان من أظرف الناس وأخفهم روحاً وأحسنهم مجوناً، وله بيت عجيب من جملة قصيدة يذكر فيها أسفاره ويصف توجهه إلى جهة الشرق، وهو (٥) :


(١) ق ن: محولا، ر: محللا.
(٢) ق: يقيل بظلكم.
(٣) ديوانه: ٩٤.
(٤) ر: أحسن ما يكون.
(٥) ر: وهو قوله، انظر ديوانه: ٢٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>