للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تبدلت من ظل عز البنود ... بذل الحديد وثقل القيود

وكان حديدي سناناً ذليقاً ... وعضباً رقيقاً صقيل الحديد

وقد صار ذاك وذا أدهما ... يعض بساقي عض الأسود ثم إنهم حملوا إلى الأمير يوسف بمراكش، فأمر بإرسال المعتمد إلى مدينة أغمات، واعتقله بها ولم يخرج منها على الممات، قال ابن خاقان (١) : ولما أجلي (٢) عن بلاده، وأعري من طارفه وتلاده، وحمل في السفين، وأحل في العدوة محل الدفين، تندبه منابره وأعواده، ولا يدنو منه زواره ولا عواده، بقي آسفاً تتصعد زفراته، وتطرد اطراد المذانب عبراته، ولا يخلو بمؤانس، ولا يرى إلا عريناً (٣) بدلاً من تلك المكانس، ولما لم يجد سلواً ولم يؤمل دنواً ولم ير وجه مسرة مجلواً، تذكر منازله فشاقته، وتصور بهجتها فراقته، وتخيل استيحاش أوطانه، وإجهاش قصره إلى قطانة، وإظلام جوه (٤) من أقماره، وخلوه من حراسة سماره. وفي اعتقاله يقول أبو بكر الداني المذكور قصيدته المشهورة التي أولها:

لكل شيء من الأشياء ميقات ... وللمنى من مناياهن غايات

والدهر في صبغة الحرباء منغمسٌ ... ألوان حالاته فيها استحالات

ونحن من لعب الشطرنج في يده ... وربما قُمرت بالبيدق الشاة قلت: هذا غلط، فإن الشاة بالهاء الملك بالعجمي، وإذا كان كذلك فلا تسلم القافية، لأنها على حرف التاء، ثم قال:

انفض يديك من الدنيا وساكنها ... فالأرض قد أقفرت والناس قد ماتوا

وقل لعالمها الأراضي: قد كتمت ... سريرة العالم العلوي أغمات


(١) القلائد: ٢٣.
(٢) القلائد: نقل؛ ر: أخلي.
(٣) في النسخ: غريباً، والتصويب عن القلائد.
(٤) ت: الوجوه.

<<  <  ج: ص:  >  >>