للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على ذلك إلى يوم الجمعة لثلاث عشرة ليلة خلت من شعبان من سنة ثمان وخمسين وثلثمائة، ودخل إلى مصر رايات المغاربة الواصلين صحبة القائد جوهر المغربي - المقدم ذكره (١) - وانقرضت الدولة الإخشيدية، وكانت مدتها أربعاً وثلاثين سنة وعشرة أشهر وأربعة وعشرين يوماً.

وكان قد قدم ابن عبيد الله من الشام منهزماً من القرامطة لما استولوا على الشام ودخل على ابنة عمه التي تزوجها وحكم وتصرف، وقبض على الوزير جعفر بن الفرات وصارده وعذبه، ثم سار إلى الشام في مسته شهر بيع الآخر من سنة ثمانين وخمسين وثلثمائة. ولما سير القائد جوهر المغربي جعفر بن فلاح إلى الشام، وملك البلاد حسبما شرحته في ترجمته، أسر جعفر بن فلاح أبا محمد بن عبد الله، وسيره إلى مصر مع جماعة من امراء الشام إلى القائد جوهر، ودخلوا مصر في جمادى الأولى سنة تسع وخمسن، وكان ابن عبيد الله قد أساء إلى أهل مصر في مدة ولايته عليهم فلما ولصوا إلى مصر تركوهم وقوفاً مشهورين مقدار سبع (٢) ساعات، والناس ينظرون إليهم، وشمت بهم من في نفسه منهم شيء، ثم أنزلوا في مضرب القائد جوهر وجعلوا مع المعتقلين. وفي السابع عشر من جمادى الأولى أرسل القائد جوهر ولده جعفراً إلى مولاه المعز، ومعه هدايا عظيمة تجل عن الوصف، وأرسل معه المأسورين الواصلين من الشام، وفيهم ابن عبيد الله، وحملوا في مركب بالنيل، وجوهر واقف ينظر إليهم، فانقلب المركب، فصاح ابن عبيد الله على القائد (٣) جوهر: يا أبا الحسن، أتريد أن تغرقنا فاعتذر إليه وأظهر التوجع له: ثم نقوا إلى مركب آخر، وكانوا مقيدين، فلم أقف لهم بعد على خير، والله أعلم.

ثم وجدت بعدها في تاريخ العتقي أن الحسن المذكور توفي ليلة الجمعة لعشر بقين من شهر رجب سنة إحدى وسبعين وثلثمائة، وصلى عليه العزيز نزار بن المعز المذكور في القصر بالقاهرة.


(١) ج ١: ٣٧٥.
(٢) ر ق بر من: خمس.
(٣) ر ق بر من: للقائد.

<<  <  ج: ص:  >  >>