للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بمكة رجل من المجاورين يقال له الشيخ صديق بن بدر بن جناح، من أكراد بلاد إربل، وكان من كبار الصالحين، فلما حضرت الملك المسعود الوفاة أوصى أنه إذا مات لا يجهز بشيء من ماله، وكفنه في إزار كان أحرم فيه بالحج والعمرة سنين عديدة، وجهزه تجهيز الفقراء على حسب قدرته، وكان أوصى انه لا يبني على قبره شيء، بل يدفن في جانب المعلى جبانة مكة، وكان أوصى انه لا يبنى على قبره " هذا قبر الفقير إلى رحمة الله تعالى (١) يوسف بن محمد بن أبي بكر بن أيوب (٢) " ففعل به ذلك. ثم إن عتيقة الصارم قايماز المسعودي الذي تولى القاهرة بعد ذلك بنى عليه قبة، ولما بلغ الملك الكامل ما فعله الشيخ الذي تولى القاهرة بعد ذلك بنى عليه قبة، ولما بلغ الملك الكامل ما فعله الشيخ صديق كتب إليه وشكره فقال: ما فعلت ما أستق به الشكر، فإن هذا رجل فقير سألني القيام بأمره فساعدته بما يجب على كل أحد القيام به من مواراة الميت، فقيل له: تكتب جواب الملك الكامل فقال: ليس لي إليه حاجة، وكان قد سأله أن يسأله حوائجه كلها، فما رد عليه الجواب؛ أخبرني بذلك كله من كان حاضراً ويعرف ما يقول، والله أعلم.

(٢١٩) وأما ولد الملك العادل فإنه أقام في المملكة إلى يوم الجمعة ثامن ذي القعدة سنة سبع وثلاثين وستمائة، فقبض عليه أمراء دولته بظاهر بلبيس، وطلبوا أخاه الملك الصالح نجم الدين أيوب، وكان الصالح قد صالح الملك الجواد على أن أعطاه دمشق، وعوضه عنها سنجار وعانة، وقدم الصالح دمشق متملكاً لها في مستهل جمادى الآخرة سنة ست وثلاثين وستمائة. ثم إن عمه الملك الصالح عماد الدين إسماعيل صاحب بعلبك اتفق مع الملك المجاهد أسد الدين شير كوه بن ناصر الدين محمد بن أسد الدين شير كوه صاحب حمص على أخذ دمشق اغتيالاً، وكان الملك الصالح نجم الدين قد خرج منها قاصداً الديار المصرية ليأخذها من أخيه الملك العادل، فلما استقر بنابلس وأقام بها مدة جرت هذه الكائنة في سنة سبع وثلاثين وستمائة، يوم الثلاثاء السابع والعشرين من صفر، فهجما دمشق


(١) ق: رحمة ربه.
(٢) انظر العقد الثمين ٧: ٤٩٢، ٤: ١٦٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>