للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والاحترام، ما أعادت سالف الأيام، وكان أحسن الناس خطاً ولفظاً.

وذكره الحافظ ابن السمعاني في " الذيل " فقال: كان يرجع إلى فضل كامل وعقل وافر ورزانة ورأي صائب، وكان له شعر رقيق مطبوع، أدركته حرفة الأدب، وصرف عن الوزارة وكلف لزوم البيت، فانتقل من بغداد إلى جوار النبي صلى الله عليه وسلم، وأقام بالمدينة على ساكنها أفضل الصلاة والسلام إلى حين وفاته، وزرت قبره غير مرة عند قبر إبراهيم ابن نبينا، صلى الله عليه وسلم، بالبقيع؛ ثم قال السمعاني بعد ذلك: سمعت من أثق به يقول إن الوزير أبا شجاع وقت أن قرب أمره وحان ارتحاله من الدنيا حمل إلى مسجد النبي صلى الله عليه وسلم، فوقف عند الحظيرة وبكى وقال: يا رسول الله، قال الله سبحانه وتعالى: " ولو أنهم ظلموا أنفسهم جاءوك فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول لوجدوا الله تواباً رحيماً " النساء: - ١٤ - ولقد جئتك معترفاً بذنوبي وجرائمي أرجو شفاعتك، وبكى ورجع وتوفي من يومه.

وله شعر حسن مجموع في ديوان، فمن ذلك (١) قوله:

لأعذبن العين غير مفكر ... فيها بكت بالدمع أو فاضت دما

ولأهجرن من الرقاد لذيذه ... حتى يعود على الجفون محرما

هي أوقعتني في حبائل فتنة ... لو لم تكن نظرت لكنت مسلما

سفكت دمي لأسفكن دموعها ... وهي التي بدأت فكانت أظلما وإلى هذا المعنى ينظر قول بعضهم:

يا عين ما ظلم الفؤاد ... ولا تعدى في الصنيع

جرعته مر الهوى ... فمحا سوادك بالدموع (٢) وله أيضاً:

وإني لأبدي في هواك تجلداً ... وفي القلب مني لوعة وغليل


(١) بر من: فمن شعره.
(٢) وغلى هذا ... بالدموع: ثبت في النسخ الخطية ولم يرد في المطبوعة المصرية.

<<  <  ج: ص:  >  >>