للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لسانه وكثرة هجوه الناس، كتب إليه من الاعتقال:

ماذا تقول لأفراخ بذي مرخ ... حمر الحواصل لا ماء ولا شجر

ألقيت كاسبهم في قعر مظلمة ... فارحم عليك سلام الله يا عمر

أنت الإمام الذي من بعد صاحبه ... ألقت إليك مقاليد النهي البشر

ما آثروك بها إذا قدموك لها (١) ... لكن لأنفسهم قد كانت الأثر فأطلقه، وشرط عليه أن يكف لسانه عن الناس، فقال له: يا أمير المؤمنين اكتب لي كتاباً إلى علقمة بن علاثة لأقصده به، فقد منعتني التكسب بشعري وكان علقمة مقيماً بحوران، وهو من الأجواد المشهورين - قال ابن الكلبي في كتاب جمهرة النسب هو علقمة بن علاثة بن عوف بن ربيعة، ويقال له الأحوص لصغر عينيه، ابن جعفر بن كلاب بن ربيعة بن عامر بن صعصعة بن معاوية بن بكر بن هوزان - وكان عمر، رضي الله عنه استعمله على حوران، فامتنع عمر رضي الله عنه من ذلك، فقيل له: با أمير المؤمنين وما عليك من ذلك علقمة ليس من عمالك (٢) فتخشى من ذلك أن تأثم، وإنما هو رجل من المسلمين تشفع بك غليه. فكتب له بما أراد، فمضى الحطيئة بالكتاب، فصادف علقمة قد مات والناس منصرفون من قبره، وابنه حاضر، فوقف عليه ثم أنشد (٣) :

لعمري لنعم المرء من آل جعفر ... بحوران أمسى علقته الحبائل

فإن تحي لا أملل حياتي، وإن تمت ... فما في حياة بعد موتك طائل

وما كان بيني لو لقيتك سالماً ... وبين الغنى إلا ليال قلائل فقال له ابنه: كم ظننت أن علقمة كان يعطيك لو وجدته حياً فقال: مائة ناقة يتبعها مائة من أولادها، فأعطاه ابنه إياها.


(١) ق: إذ كنت موئلها.
(٢) قد مر قبل قليل أن عمر هو الذي استعمله على حوران.
(٣) ديوان الحطيئة: ٢١٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>