وبلاده وإضعاف أهله على طول الزمان، فرحل عنها ونزل على سنجار في سادس عشر شعبان من السنة، وأخذها في ثاني شهر رمضان المعظم، وأعطاها لابن أخيه الملك المظفر تقي الدين عمر - المقدم ذكره - وشرح ذلك يطول.
وخلاصة الأمر أنه رجع إلى الشام فكان وصوله إلى حران في أول ذي القعدة ثم عاد إلى منازلة الموصل، وكان وصوله إليها في أول شهر ربيع الأول سنة إحدى وثمانين، ونزلت إليه والدة عز الدين ومعها جماعة من نساء بني أتابك وابنه نور الدين أرسلان شاه بن مسعود - وقد سبق ذكره في حرف الهمزة - وطلبت منه المصالحة، فردها خائبة ظناً منه أن عز الدين أرسلها عجزاً عن حفظ الموصل، واعتذر بأعذار ندم عليها بعد ذلك، وبذل أهل الموصل نفوسهم في القتال لكونه رد النساء والولد بالخيبة، فأقام عليها إلى أن أتاه خبر وفاة شاه أرمن ناصر الدين محمد بن إبراهيم بن سكمان القطبي صاحب خلاط، وقيام مملوكه بكتمر بالأمر من بعده، وطمع في خلاط، وقرر معه تسليمها إليه وأن يعوضه عنها ما يرضيه. وكانت وفاة شاه أرمن يوم الخميس تاسع شهر ربيع الآخر من السنة المذكورة.
فرحل السلطان صلاح الدين عن الموصل لهذا السبب في العشرين من الشهر المذكور وتوجه نحو خلاط، وفي مقدمته مظفر الدين صاحب إربل وهو يوم ذاك صاحب حران وناصر الدين محمد بن أسد الدين شيركوه وهو ابن عم صلاح الدين، فنزلوا بالطوانة، البليدة التي هي بالقرب من خلاط، وسير الرسل إلى بكتمر لتقرير القاعدة، فوصلت الرسل إليه وشمس الدين بهلوان بن الذكر (١) صاحب أذربيجان وعراق العجم قد قرب من خلاط ليحاصرها، فبعث إليه بكتمر يعرفه أنه إن لم يرجع عنه وإلا سلم البلاد إلى السلطان صلاح الدين فصالحه وزوجه ابنته ورجع عنه، وسير بكتمر إلى السلطان صلاح الدين يعتذر عما قاله من تسليم خلاط، وكان السلطان قد نزل على ميافارقين يحاصرها، فقاتلها قتالاً شديداً، ثم أخذها عن صلح بالخديعة في التاسع والعشرين من