ولم تسر أيها الأعمى، فقلت لهم: ... لم أخش من تعب ألقى ولا نصب
وإنما النار في قلبي لوحشته ... فخفت أجمع بين النار والخشب وهذا المعنى مطروق لكنه استعمله حسناً.
وأخبرني أحد أصحابه أن شخصاً يقال له: رأيت في بعض تواليف أبي العلاء المعري ما صورته: أصلحك الله وأبقاك، لقد كان من الواجب أن تأتينا اليوم إلى منزلنا الخالي، لكي نحدث عهداً بك يا زين الأخلاء، فما مثلك من غير عهداً أو غفل؛ وسأله: من أي الأبحر هذا وهل هو بيت واحد أم أكثر فإن كان أكثر فهل أبياته على روي واحد أم هي مختلفة الروي قال: فأفكر فيه، ثم أجابه بجواب حسن، فلما قال لي المخبر ذلك قلت له: اصبر علي حتى أنظر فيه ولا تقل ما قاله، ثم أفكرت فيه فوجدته يخرج من بحر الرجز، وهو المجزوء منه، وتشتمل هذه الكلمات على أربع أبيات على روي الكلام، وهي على صورة يسوغ استعمالها عند العروضيين، ومن لا يكون له معرفة بهذا الفن فإنه ينكرها، لأجل قطع الموصول منها، ولا بد من الإتيان بها لتظهر صورة ذلك، وهي:
أصلحك (١) الله وأب ... قاك لقد كان من ال
واجب أن تأتينا الي ... وم إلى منزلنا ال
خالي لكي نحدث عه ... داً بك يا زين الأخل
لاء فما مثلك من ... غير عهداً أو غفل وهذا إنما يذكره أهل هذا الشأن للمعاياة، لا لأنه من الأشعار المستعملة، فلما استخرجته عرضته على ذلك الشخص فقال: هكذا قاله مظفر الأعمى.
وقال الشيخ زكي الدين أبو محمد عبد العظيم بن عبد القوي المنذري المحدث المصري، رحمه الله تعالى، أخبرني الأديب موفق الدين مظفر الضرير الشاعر المصري أنه دخل على القاضي السعيد بن سناء الملك - قلت: وسيأتي ذكره إن