للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ذاك يوم الاثنين، لثمان بقين من شوال سنة إحدى وستين وثلثمائة، وانتقل إلى سردانية، أقام بها ليجتمع رجاله وأتباعه ومن يستصحبه معه. وفي هذه المنزلة عقد العهد لبلكين في التاريخ المذكور في ترجمته، ورحل عنها يوم الخميس خامس صفر سنة اثنتين وستين وثلثمائة. ولم يزل في طريقه يقيم بعض الأوقات في بعض البلاد أياماً ويجد السير في بعضها، وكان اجتيازه على برقة، ودخل الاسكندرية يوم السبت لست بقين من شعبان من السنة المذكورة وركب فيها (١) ودخل الحمام، وقدم عليه بها قاضي مصر - وهو أبو طاهر محمد ابن أحمد - وأعيان أهل البلاد، وسلموا عليه، وجلس لهم عند المنارة وخاطبهم بخطاب طويل يخبرهم فيه أنه لم يرد دخول مصر لزيادة في ملكه ولا لمال، وإنما أراد إقامة الحق والحج والجهاد، وأن يختم عمره بالأعمال الصالحة، ويعمل بما أمر به جده صلى الله عليه وسلم، ووعظهم وأطال حتى بكى بعض الحاضرين، وخلع على القاضي وبعض الجماعة وحملهم، وودعوه وانصرفوا ثم رحل منها في أواخر شعبان.

ونزل يوم السبت ثاني شهر رمضان المعظم على ميناء ساحل مصر بالجيزة (٢) ، فخرج إليه القائد جوهر وترجل عند لقائه وقبل الأرض بين يديه، وبالجيزة أيضاً اجتمع به الوزير أبو الفضل جعفر بن الفرات - المذكور في حرف الجيم - وأقام المعز هناك ثلاثة أيام، وأخذ العسكر في التعدية بأثقالهم إلى ساحل مصر. ولما كان يوم الثلاثاء لخمس خلون من شهر رمضان المعظيم من السنة، عبر المعز النيل ودخل القاهرة، ولم يدخل مصر، وكانت قد زينت له، وظنوا أنه يدخلها، وأهل القاهرة لم يستعدوا للقائه لأنهم بنوا الأمر على دخوله أولاً، ولما دخل القاهرة ودخل القصر ودخل مجلساً منه خر ساجداً لله تعالى، ثم صلى ركعتين وانصرف الناس عنه.

وهذا المعز هو الذي تنسب إليه القاهرة، فيقال القاهرة المعزية، لأنه الذي بناها القائد جوهر له.


(١) ن: وركب فيها يوم السبت.
(٢) المختار: ونزل على الجيزة تجاه مصر على الساحل.

<<  <  ج: ص:  >  >>