للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذكره - وأبو عثمان المازني وأبو حاتم السجستاني وعمر بن شبة النميري، وغيرهم، وقد تقدم ذكر هؤلاء جميعهم.

وقال أبو عبيدة: أرسل إلي الفضل بن الربيع إلى البصرة في الخروج إليه، فقدمت عليه، وكنت أخبر عن تجبره، فأذن لي، فدخلت عليه وهو في مجلس طويل عريض فيه بساط واحد قد ملأه، وفي صدره فرش عاليةلايرتقى عليها إلابكرسي وهو جالس على الفرش، فسلمت عليه بالوزارة، فرد وضحك إلي واستد ناني حتى جلست معه على فرشه، ثم سألني وبسطني وتلطف بي وقال: أنشدني، فأنشدته من عيون أشعار أحفظها جاهلية، فقال لي: قد عرفت أكثر هذه وأريد من ملح الشعر، فأنشدته، فطرب وضحك وزاد نشاطاً، ثم دخل رجل في زي الكتاب وله هيئة حسنة، فأجلسه إلى جانبي، وقال له: أتعرف هذا قال: لا، فقال: هذاأبو عبيدة علامة أهل البصرة أقدمناه لنستفيد من علمه، فدعا الرجل وقرظه لفعله هذا، ثم التفت إلي وقال لي: كنت إليك مشتاقاً، وقد سئلت عن مسألة، أفتأذن لي أن أعرفك إياها قلت: هات، فقال: قال الله تعالى " طلعها كأنه رءوس الشياطين " الصافات: - ٦٥ -، وإنما يقع الوعد والايعاد بما قد عرف مثله، وهذا لم يعرف، قال: فقلت: إنما كلم الله العرب على قدر كلامهم، أما سمعت قول امرئ القيس:

أيقتلني والمشرفي مضاجعي ... ومسنونة رزق كأنياب أغوال وهم لم يروا الغول قط، ولكنه لما كان أمر الغول يهولهم أوعدوا به، فاستحسن الفضل ذلك واستحسنه السائل، وأزمعت منذ ذلك اليوم أن أضع كتاباً في القرآن لمثل هذا وأشباهه، ولما يحتاج إليه من علمه، ولما رجعت إلى البصرة عملت كتابي الذي سميته المجاز وسألت عن الرجل فقيل لي: هو من كتاب الوزير وجلسائه.

وقال أبو عثمان المازني (١) ، سمعت أبا عبيدة يقول: أدخلت على هارون الرشيد


(١) سقطت هذه الفقرة من لي ر بر من، وذلك لأنها تكررت، إذ ورد ما يشبهها في ترجمة الأصمعي ٣: ١٧٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>