للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال أبو حاتم السجستاني: كان أبو عبيدة يكرمني على أنني من خوارج سجستان. وقال الثوري: دخلت المسجد على أبي عبيدة، وهو ينكت الأرض جالساً وحده فقال لي: من القائل:

أقول لها وقد جشأت وجاشت ... مكانك تحمدي أو تستريحي فقلت له: قطري بن الفجاءة، فقال: فض الله فاك! هلا قلت: هو لأمير المؤمنين أبي نعامة، ثم قال لي: اجلس، واكتم على ما سمعت مني، قال: فما ذكرته حتى مات.

قلت أنا: وهذه الحكاية فيها نظر، لأن البيت من جملة أبيات لعمرو ابن الإطنابة الخزرجي الأنصاري، والإطنابة أمه، وسام أبيه زيد مناة، لا يكاد يخالف فيه أحد من أهل الأدب، فإنها أبيات مشهورة للشاعر المذكور.

وذكر المبرد في كتاب الكامل (١) أن معاوية بن أبي سفيان الأموي قال: اجعلوا الشعر أكبر همكم وأكثر آدابكم، فإن فيه مآثر أسلافكم، ومواضع إرشادكم، فلقد رأيتني يوم الهرير وقد عزمت على الفرار فما ردني، إلا قول ابن الإطنابة الأنصاري:

أبت لي عفتي وأبى بلائي ... وأخذي الحمد بالثمن الربيح

وإجشامي على المكروه نفسي ... وضربي هامة البطل المشيح

وقولي كلما جشأت وجاشت ... مكانك تحمدي أو تستريحي

لأدفع عن مآثر صالحات ... وأحمي بعد عن عرض صريح رجعنا إلى حديث أبي عبيدة:

وكان لا يقبل شهادته أحد من الحكام أنه كان يتهم بالميل إلى الغلمان؛ قال الأصمعي: دخلت أنا وأبو عبيدة يوماً المسجد، فإذا على الاسطوانة التي


(١) الكامل ٤: ٦٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>