قال له: من أنت ويحك فكشف لثامه فقال: أنا طلبتك يا أمير المؤمنين معن بن زائدة، فأمنه المنصور وأكرمه وكساه وزينه، وصار من خواصه، ثم دخل عليه بعد ذلك في بعض الأيام فلما نظر إليه قال: هيه يا معن، تعطي مروان بن أبي حفصة مائة ألف درهم على قوله:
معن بن زائدة الذي زيدت به ... شرفاً على شرف بنو شيبان فقال: كلا يا أمير المؤمنين، إنما أعطيته على قوله في هذه القصيدة:
ما زلت يوم الهاشمية معلناً ... بالسيف دون خليفة الرحمن
فمنعت حوزته وكنت وقاءه ... من وقع كل مهند وسنان فقال: أحسنت يا معن.
وقال له يوماً: يا معن، ما أكثر وقوع الناس في قومك فقال: يا أمير المؤمنين:
إن العرانين تلقاها محسدة ... ولا ترى للئام الناس حساداً ودخل عليه يوماً وقد أسن فقال له: كبرت يا معن، فقال: في طاعتك يا أمير المؤمنين، فقال: وإني لجلد، فقال: على أعدائك يا أمير المؤمنين، فقال: وفيك بقية، فقال، هي لك يا أمير المؤمنين.
وعرض هذا الكلام على عبد الرحمن بن زيد زاهد أهل البصرة، فقال: ويح هذا، ما ترك لربه شيئاً.
وأشهر قصائد مروان فيه وأحسنها القصيدة اللامية التي ذكرت بعضها في ترجمة مروان، وهي طويلة تزيد على خمسين بيتاً، ولولا خوف الإطالة لذكرتها، وله فيه من قصيدة:
قد آمن الله من خوف ومن عدم ... من كان معن له جاراً من الزمن
معن بن زائدة الموفي بذمته ... والمشتري المجد بالغالي من الثمن
يرى العطايا التي تبقى محامدها ... غنماً إذا عدها المعطي من الغبن