للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يا غلام، ناقتي الفلانية وألف دينار، فادفعها إليه، فادفعها إليه وهو لا يعرفه، هكذا روى هذا الخطيب في تاريخه (١) .

وأخبار معن ومحاسنه كثيرة.

وكان قد ولي سجستان في أواخر أمره، وانتقل إليها، وله في آثار وماجرايات، وقصده الشعراء بها، فلما كانت سنة إحدى وخمسين، وقيل اثنتين وخمسين، وقيل ثمان وخمسين ومائة، كان في داره صناع يعملون له شغلاً، فاندس بينهم قوم من الخوارج، فقتلوه بسجستان وهو يحتجم، ثم تتبعهم ابن أخيه يزيد بن مزيد بن زائدة - الآتي ذكره إن شاء الله تعالى - فقتلهم بأسرهم، وكان قتله بمدينة بست. ولما قتل معن رثاه الشعرا بأحسن المراثي، فمن ذلك قول مروان بن أبي حفصة شاعره المذكور، وهي قصيدة من أفخر الشعر وأحسنه، وأولها:

مضى لسبيله معن، وأبقى ... مكارم لن تبيد ولن تنالا

كأن الشمس يوم أصيب معن ... من الإظلام ملبسة جلالاً

هو الجبل الذي كانت نزار ... تهد من العدو به الجبالا

وعطلت الثغور لفقد معن ... وقد يروي بها الأسل النهالا (٢)

وأظلمت العراق وأورثتها ... مصيبته المجللة اختلالا

وظل الشام يرجف جانباه ... لركن العز حين وهى فمالا (٣)

وكادت من تهامة كل أرض ... ومن نجد تزول غداة زالا

فإن يعل (٤) البلاد له خشوع ... فقد كانت تطول به اختيالا

أصاب الموت يوم أصاب معناً ... من الأحياءأكرمهم فعالا

وكان الناس كلهم لمعن ... إلى أن زار جفرته عيالا


(١) سقطت رواية المازني من النسخ لي بر من.
(٢) ق ن والمختار: النبالا.
(٣) لي ق: ومالا.
(٤) ص والمختار: يعرُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>