للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كأن الليل واصل بعد معن ... ليالي قد قرن به فطالا

فلهف أبي عليك إذا العطايا ... جعلن منى كواذب واعتلالا

ولهف أبي عليك إذا اليتامى ... غدوا شعثاً كأن بهم سلالا (١)

ولهف أبي عليك إذا القوافي ... لممتدح بها ذهبت ضلالا

ولهف أبي عليك لكل هيجا ... لها تلقي حواملها السخالا

أقمنا باليمامة إذ يئسنا ... مقاماً لا نريد له زيالا

وقلنا أين نرحل بعد معن ... وقد ذهب النوال فلا نوالا

ما شهد الوقائع منك أمضى ... وأكرم مقدماً وأشد بالا

سيذكرك الخليقة غير قال ... إذا هو في الأمور بلا الرجالا

ولا ينسى وقائعك اللواتي ... على أعدائه جعلت وبالا

ومعتركاً شهدت به حفاظاً ... وقد كرهت فوارسه النزالا

حباك أخو أمية بالمراثي ... مع المدح الذي قد كان قالا

أقام وكان نحوك كل عام ... يطيل بواسط الرحل اعتقالا

وألقى رحله أسفاً وآلى ... يميناً لا يشد له حبالا وهذه المرثية من أحسن المراثي. وقال عبد الله بن المعتز في كتاب طبقات الشعراء (٢) : دخل مروان بن أبي حفصة على جعفر البرمكي فقال له: ويحك، أنشدني مرثيتك في معن بن زائدة، فقال: بل أنشدك مديحي فيك، فقال جعفر: أنشدني مرثيتك في معن، فأنشأ يقول:

وكان الناس كلهم لمعن ... إلى أن زار حفرته عيالا حتى فرغ من القصيدة، وجعل جعفر يرسل دموعه على خديه، فلما فرغ قال له جعفر: هل أثابك على هذه المرثية أحد من ولده وأهله شيئاً قال:


(١) : غدوا غرثى وقد راحوا ثكالى؛ لي ر: غدوا سغباً.
(٢) طبقات ابن المعتز: ٤٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>