للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال ابن قتيبة في المعارف (١) : ولم يكن يعاب بشيء إلا بالكذب وفيه قيل: راح يكذب، ثم قال ابن قتيبة بعد هذا: وأنا أقول: كان المهلب أتقى الناس لله عزوجل، وأشرف وأنبل من أن يكذب، ولكنه كان محرباً، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: الحرب خدعة، وكان يعارض الخوارج بالكلمة فيوري بها من غيرها، يرهب بها الخوارج، وكانوا يسمونه الكذاب ويقولون: راح يكذب، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا أراد حرباً ورى بغيرها.

وقال أبو العباس المبرد في الكامل (٢) في شرح أبيات رمي فيها المهلب بالكذب، ما صورته: وقوله الكذاب لأن المهلب كان فقيهاً، وكان يعلم ما جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من قوله " كل كذب يكتب كذباً إلا ثلاثة: الكذب في الصلح بين الرجلين، وكذب الرجل لامرأته يعدها، وكذب الرجل في الحرب يتوعد ويتهدد ". وكان المهلب ربما صنع الحديث ليشد به أمر المسلمين ويضعف به من أمر الخوارج، وكان حي من الأزد بقال لهم الندب إذا رأوا المهلب رائحاً قالوا: قد راح المهلب يكذب، وفيه يقول رجل منهم:

أنت الفتى كل الفتى ... لو كنت تصدق ما تقول وذكر المبرد في كتاب الكامل (٣) في أواخره في فصل قتال الخوارج وما جرى بين المهلب والأزارقة: وكانت ركب الناس قديماً من الخشب، فكان الرجل يضرب بركانه فينقطع، فإذا أراد الضرب والطعن لم يكن له معين أو معتمد، فأمر المهلب فضربت الركب من الحديد، فهو أول من أمر بطبعها وأخبار المهلب كثيرة.

وتقلبت به الأحوال، وآخر ما ولي خراسان من جهة الحجاج بن يوسف الثقفي - المقدم ذكره - فإنه كان أمير العراقين، وضم إليه عبد الملك بن مروان خراسان وسجستان، فاستعمل على خراسان المهلب المذكور، وعلى سجستان


(١) المعارف: ٣٩٩.
(٢) الكامل ٣: ٣١٨.
(٣) الكامل ٣: ٣٧٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>