للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ابن عدنان المعروف بابن القرية الهلالي، والقرية: جدته، واسمها جماعة بنت جشم بن ربيعة بن زيد مناة بن عوف بن سعد بن الخزرج - وتمام النسب مذكور في أول الترجمة؛ كان أعرابياً أمياً، وهو معدود من جملة خطباء العرب المشهورين بالفصاحة والبلاغة، وكان قد أصابته السنة، فقدم عين التمر وعليها عامل للحجاج بن يوسف، وكان العامل يغدي كل يوم ويعشي، فوقف ابن القرية ببابه فرأى الناس يدخلون فقال: أين يدخل هؤلاء فقالوا: إلى طعام الأمير، فدخل فتغدى وقال: أكل يوم يصنع الأمير ما أرى فقيل: نعم، فكان يأتي كل يوم بابه للغداء والعشاء، إلى أن ورد كتاب من الحجاج على العامل، وهو عربي غريب لا يدري ما هو، فأخر لذلك طعامه، فجاء ابن القرية فلم ير العامل يتغدى، فقال: ما بال الأمير اليوم لا يأكل ولا يطعم فقالوا: اغتم لكتاب ورد عليه من الحجاج عربي غريب لا يدري ما هو، قال: ليقرئني الأمير الكتاب وأنا أفسره إن شاء الله تعالى، وكان خطيباً لسناً بليغاً، فذكر ذلك نلوالي فدعا به فلما قرئ عليه الكتاب عرف الكلام وفسره للوالي حتى عرفه جميع ما فيه فقال له: أفتقدر على جوابه قال: لست أقرأ ولا أكتب ولكن أقعد عند كاتب يكتب ما أمليه، ففعل، فكتب جواب الكتاب، فلما قرئ الكتاب على الحجاج رأى كلاما عربيا غريبا، فعلم أنه ليس من كلام كتاب الخراج، فدعا برسائل عامل عين التمر فنظر فيها فإذا هي ليست ككتاب ابن القرية، فكتب الحجاج إلى العامل أما بعد، فقد أتاني كتابك بعيداً من جوابك بمنطق غيرك، فإذا نظرت في كتابي هذا فلا تضعه من يدك حتى تبعث إلي بالرجل الذي صدر لك الكتاب، والسلام. قال: فقرأ العامل الكتاب على ابن القرية وقال له: تتوجه نحوه فقال: أقلني، قال: لا بأس عليك، وأمر له بكسوة ونفقة وحمله إلى الحجاج.

فلما دخل عليه قال: أيوب، قال: اسم نبي وأظنك أمياً تحاول البلاغة ولا يستصعب عليك المقال، وأمر له بنزل ومنزل، فلم يزل يزداد به عجبا حتى أوفده على عبد الملك بن مروان، فلما خلع عبد الرحمن بن محمد بن الأشعث بن قيس الكندي الطاعة بسجستان وهي واقعة مشهورة بعثه

<<  <  ج: ص:  >  >>