للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فلما كان اليوم الثالث عقر غالب ثلاثاً، فعقر سحيم ثلاثاً، فلما كان اليوم الرابع عقر غالب مائة ناقة، فلم يكن عند سحيم هذا القدر، فلم يعقر شيئاً وأسرها (١) في نفسه. فلما انقضت المجاعة ودخل الناس الكوفة قال بنو رياح لسحيم: جررت علينا عار الدهر، هلا نحرت مثل ما نحر، وكنا نعطيك مكان كل ناقة ناقتين فاعتذر بأن إبله كانت غائبة، وعقر ثلثمائة ناقة، وقال للناس: شأنكم والأكل، وكان ذلك في خلافة علي بن أبي طالب رضي الله عنه، فاستفتي في حل الأكل منها فقضى بحرمتها وقال: هذه ذبحت لغير مأكلة، ولك يكن المقصود منها إلا المفاخرة والمباهاة، فألقيت لحومها على كناسة الكوفة فأكلتها الكلاب والعقبان والرخم، وهي قصة مشهورة (٢) ، وعمل فيها الشعراء أشعاراً كثيرة. فمن ذلك قول جرير يهجو الفرزدق، وهو بيت (٣) تستشهد به النحاة في كتبهم، وهو من جملة قصيدة:

تعدون عقر النيب أفضل مجدكم ... بني ضوطرى لولا الكمي المقنعا ومن ذلك قول المحل، أخي بني قطن بن نهشل (٤) :

وقد سرني أن لا تعد مجاشع ... من المجد إلا عقر نابٍ بصوأر وكان غالب المذكور أعور.

(٣٠٧) وسحيم المذكور، وهو ابن وثيل بن عمرو بن جوين بن وهيب (٥) بن حميري الشاعر الذي يقول (٦) :

أنا ابن جلا وطلاع الثنايا ... متى أضع العمامة تعرفوني


(١) المختار: فأسرها.
(٢) انظر النقائض: ٤١٤ والأمالي ٣: ٥٢ والخزانة ١: ٤٦١ ومعجم البلدان: (صوأر) .
(٣) ن: والمختار: وهذا البيت.
(٤) ر بر من: المجن بن نهشل أخي بني قطن؛ وهو المحل بن كعب النهشلي (انظر معجم المرزباني: ٤٥٠ والنقائض: ٩٤٢، ٩٥٥، ٩٥٧) .
(٥) المختار: وهب؛ وفي هامش الأصمعيات: أهيب.
(٦) مطلع الأصمعية الأولى، الأصمعيات: ٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>