للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ونقلت منه أيضاً (١) أن أبا المعري صاعد بن مخلد كاتب الموفق قرأ على الموفق فلم يفهم معناه، وقرأه الموفق ففهمه، فقال فيه عيسى بن القاشي (٢) :

أرى الدهر يمنع من جانبه ... ويهدي الحظوظ على عائبه

وكم طالبٍ سبباً مجلباً ... فأعيا عناه (٣) على طالبه

ومن عجيب الدهر أن الأمي ... ر أصبح أكتب من كاتبه والموفق المذكور هو ابن أحمد طلحة بن المتوكل، وهو والد المعتضد الخليفة العباسي.

ونقلت منه (٤) أيضاً أن إعرابياً شهد الموقف مع عمر بن الخطاب رضي الله عنه، قال الأعرابي: فصاح به صائح من خلفه: يا خليفة رسول الله ثم قال: يا أمير المؤمنين، فقال رجل من خلفي: دعاه باسم ميت، مات والله أمير المؤمنين، فالتفت إليه فإذا هو رجل من بني لهب - بكسر اللام - وهم من بني النضر (٥) بن الأزد، وهم أزجر قوم، وقد أشار كثير عزة إلى ذلك في قوله:

سألت أخا لهبٍ ليزجر زجره ... وقد صار زجر العالمين إلى لهب قال الأعرابي: فلما وقفنا لرمي الجمار (٦) إذا حصاة قد صكت صلعة عمر رضي الله عنه فأدمته، فقال قائل: أشعر والله أمير المؤمنين، والله لا يقف هذا الموقف بعدها، فالتفت إليه فإذا هو اللهبي بعينه، فقتل عمر رضي الله عنه قبل الحول (٧) .


(١) المصدر السابق: ٢٧٧.
(٢) المختار: القاشاني.
(٣) ق ر: عياه، ولعل الصواب " عياء ".
(٤) الهفوات النادرة: ٣٦١.
(٥) ع والمختار: نصر.
(٦) ر: للرمي.
(٧) علق ابن المؤلف هنا بقوله: " قلت أعني كاتبها موسى بن أحمد لطف الله به: زاد المبرد في كتابه المسمى بالكامل في هذه الحكاية أن اللهبي لما قال: أشعر والله، قال له الأعرابي السامع له ولم ذلك قال: العرب تقول إذا ماتت الدابة نفق وإذا مات الكافر هلك وإذا مات المسلم مات وإذا مات الملك أشعر، من إشعار البدن المهدية للكعبة والذبح إجلالا لهم وإعظاماً عن ذكر الموت، والله أعلم ".

<<  <  ج: ص:  >  >>