للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على بابها إلى جانب أبي الدر المذكور ونحن نتذاكر الأدب، إذ جاء شيخ ضعيف القوى والحال يتوكأ على عصا، فجلس قريباً منا، فقال لي أبو الدر: أتعرف هذا فقلت: لا، فقال: هذا مملوك الحيص بيص، الذي يقول (١) فيه:

تشرب أو تقمص أو تقبى ... فلن تزداد عندي قط حبا

تملك بعض حبك كل قلبي ... فإن ترد الزيادة هات قلبا قال: فجعلت أنظر إليه، وأفكر فيما كان عليه، وما آل حاله إليه، ولقد طلبت أنا هذين البيتين في ديوان الحيص بيص فلم أجدهما فيه، والله أعلم.

ولأبي الدر المذكور ديوان شعر سمعت أنه صغير ولم أقف عليه، بل على مقاطيع كثيرة منه، وشعره متداول بالعراق وبلاد الشرق والشام، ويكفي منه هذا القدر - وقد تقدم في حرف الخاء في ترجمة الشيخ الخضر بن عقيل الإربلي له ثلاثة أبيات دالية (٢) - ثم إني ملكت من ديوانه (٣) نسختين في سنة سبع وستين بدمشق المحروسة، وهو صغير الحجم يدخل في عشر كراريس (٤) .

ورأيت في بعض التواريخ المتأخرة أن أبا الدر المذكور وجد ميتاً بمنزله ببغداد في الثاني عشر من جمادى الأولى سنة اثنتين وعشرين وستمائة، وقال الناس: إنه توفي قبل ذلك بأيام، رحمه الله تعالى.

وقال ابن النجار في " تاريخ بغداد " وجد أبو الدر في داره ميتاً، يوم الأربعاء خامس عشر جمادى الأولى من السنة، وكان قد أخرج من النظامية فسكن في دار بدرب دينار الصغير، ولم يعلم متى مات، وأظنه ناطح (٥) الستين، والله أعلم.


(١) ر: قال.
(٢) انظر ج ٢: ٢٣٨.
(٣) ق ع: بديوانه.
(٤) ر: عشرين كراساً.
(٥) ن: قارب.

<<  <  ج: ص:  >  >>