للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال يحيى: ما رأيت على رجل قط خطأ إلا سترته عليه وأحببت أن أبين أمره، وما استقبلت رحلاً في وجهه بأمر يكرهه، ولكن أبين له خطأه (١) فيما بيني وبينه، فإن قبل ذلك وإلا تركته.

وكان يقول: كتبنا عن الكذابين، وسجرنا به التنور، وأخرجنا به خبزاً نضيجاً، وكان ينشد:

المال يذهب حله وحرامه ... طراً وتبقى في غدٍ آثامه

ليس التقي بمتق لأهله ... حتى يطيب شرابه وطعامه

ويطيب ما يحوي وتكسب كفه ... ويكون في حسن الحديث كلامه

نطق النبي لنا به عن ربه ... فعلى النبي صلاته وسلامه وقد ذكره الدارقطني فيمن روى عن الإمام الشافعي، رضي الله عنه، وقد سبق في ترجمة الشافعي خبره معه، وما جرى بينه وبين الإمام أحمد بن حنبل في ذلك، وسمع أيضاً من عبد الله بن المبارك وسفيان بن عيينة.

وكان يحج فيذهب إلى مكة على المدينة ويرجع إلى المدينة، فلما كان آخر حجة حجها خرج على المدينة، ورجع على المدينة فأقام بها ثلاثة أيام، ثم خرج حتى نزل المنزل مع رفقائه، فباتوا فرأى في النوم هاتفاً يهتف به: يا أبا زكريا، أترغب في جواري فلما أصبح قال لرفقائه: امضوا فإني راجع إلى المدينة، فمضوا ورجع، فأقام بها ثلاثاً، ثم مات فحمل على أعواد النبي صلى الله عليه وسلم.

وكانت وفاته لسبع ليال بقين من ذي القعدة سنة ثلاث وثلاثين ومائتين، هكذا قاله الخطيب في " تاريخ بغداد " وهو غلط قطعاً، لما تقدم ذكره، وهو أنه خرج إلى مكة للحج (٢) ، ثم رجع إلى المدينة ومات بها، ومن يكون قد حجج كيف يتصور أن يموت بذي القعدة من تلك السنة فلو ذكر أنه توفي في ذي الحجة لأمكن، وكان يحتمل أن يكون هذا غلطاً من الناسخ، لكني وجدته في


(١) وما استقبلت ... خطأه: سقط من المختار وع ق.
(٢) للحج: سقطت من ق ع.

<<  <  ج: ص:  >  >>