للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وكان قرر معه أن يعبث بيحيى علماً منه أن يحيى لا يتجاسر عليه خوفاً من المأمون، فلما عبث به المملوك سمعه المأمون وهو يقول: لولا أنتم لكنا مؤمنين، فدخل المأمون وهو ينشد:

وكنا نرجي أن نرى العدل ظاهراً ... فأعقبنا بعد الرجاء قنوط

متى تصلح الدنيا ويصلح أهلها ... وقاضي قضاة المسلمين يلوط وهذان البيتان لأبي حكيمة راشد بن إسحاق الكاتب (١) ، وراشد له فيه مقاطيع كثيرة.

وذكر المسعودي في " مروج الذهب " (٢) في ترجمة المأمون جملة من أخبار يحيى في هذا الباب أضربنا عن ذكرها.

ومما يناسب حكاية المأمون مع يحيى بسؤاله عن البيت لمن هو وإجابة يحيى ببيت آخر من القصيدة ما يروى أن معاوية بن أبي سفيان الأموي (٣) لما مرض مرض موته واشتدت علته وحصل اليأس منه، دخل عليه بعض أولاد علي بن أبي طالب رضي الله عنه يعوده، ولا أستحضر الآن من هو، فوجده قد استند يتجلد له لئلا يشتفي به، فضعف عن القعود فاضطجع وأنشد:

وتجلدي للشامتين أريهم ... أني لريب الدهر لا أتضعضع فقام العلوي من عنده وهو ينشد:

وإذا المنية أنشبت أظفارها ... ألفيت كل تميمةٍ لا تنفع فعجب الحاضرون من جوابه.

وهذا البيتان من جملة قصيدة طويلة لأبي ذؤيب خويلد بن خالد الهذلي يرثي بها بنيه (٤) ، وكان قد هلك له خمس بنين في عام واحد، أصابهم الطاعون.


(١) نسبهما في الأغاني لإبراهيم بن أبي محمد اليزيدي، وهما عند المسعودي لراشد بن إسحاق.
(٢) مروج الذهب ٤: ٢١ وما بعدها.
(٣) زاد في المختار: رضي الله عنه، وهذا لم يجر من المؤلف عند ذكر معاوية.
(٤) ديوان الهذليين ١: ٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>