للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ودخل على علوي ببلخ زائراً له ومسلماً عليه فقال له العلوي (١) : أيد الله الأستاذ، ما تقول فينا أهل البيت قال: ما أقول في طين عجن بماء الوحي، وغرس (٢) بماء الرسالة، فهل يفوح منهما إلا مسك الهدى وعنبر التقى فحشى العلوي فاه بالدر، ثم زاره من الغد، فقال يحيى بن معاذ: إن زرتنا فبفضلك وإن زرناك فلفضلك، فلك الفضل زائراً ومزوراً (٣) .

ومن كلامه: ما بعد طريق إلى صديق، ولا استوحش في طريق من سلك فيه إلى حبيب. ومن كلامه: مسكين ابن آدم، لو خاف النار كما يخاف الفقر دخل الجنة.

وقال: ما صحت إرادة أحد قط فمات حتى حن إلى الموت واشتهاه اشتهاء الجائع إلى الطعام، لارتداف الآفات واستيحاشه من الأهل والإخوان، ووقوعه فيما يتحير فيه صريح عقله. وقال: من لم ينظر في الدقيق من الورع لم يتصل إلى الجليل من العطاء. وقال: ليكن حظ المؤمن منك ثلاث خصال: إن لم تنفعه فلا تضره، وإن لم تسره فلا تغمه، وإن لم تمدحه فلا تذمه.

وقال: عمل كالسراب، وقلب من التقوى خراب، وذنوب بعدد الرمل والتراب، ثم تطمع في الكواعب الأتراب، هيهات! أنت سكران بغير شراب ما أكملك لو بادرت أملك، ما أجلك لو بادرت أجلك، ما أقواك لو خالفت هواك (٤) .

وله في هذا الباب كل كلام مليح.

وتوفي سنة ثمان وخمسين ومائتين بنيسابور، رحمه الله تعالى؛ وقال


(١) تاريخ بغداد: ٢١١.
(٢) ق ص والمختار: وغرس غرس.
(٣) علق المختار هنا: قلت أعني كاتبها موسى بن أحمد لطف الله به: وقد نظم هذا المعنى:
إن زارني فبضله أو زرته ... فلفضله، فالفضل في الحالين له وبخط مخالف قبل البيت: وقيل إنهما للشافعي في أحمد:
قالوا يزورك أحمد وتزوره ... قلت: الفضائل ما تعدت منزله (٤) زاد هنا في ر ق ن ع: وسئل عن حقيقة المحبة ... الخ، وقد تقدم.

<<  <  ج: ص:  >  >>