للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

" أخبار النحاة " الذي ألفه القاضي الأكرم ابن القفطي الوزير بمدينة حلب، كان، رحمه الله تعالى، والله أعلم بصحة ذلك.

وكان الخطيب المذكور قد دخل مصر في عنفوانه شبابه، فقرأ عليه بها الشيخ أبو الحسن طاهر بن بابشاذ النحوي - المقدم ذكره (١) - شيئاً من اللغة، ثم عاد إلى بغداد واستوطنها إلى الممات، وكان يروي عن أبي الحسن محمد بن المظفر بن نحرير (٢) البغدادي جملة من شعره، فمن ذلك قوله على ما حكاه السمعاني في كتاب " الذيل " في ترجمة الخطيب، وهي من أشهر أشعاره:

خليلي ما أحلى صبوحي بدجلةٍ ... وأطيب منه بالصراة (٣) غبوقي

شربت على الماءين من ماء كرمةٍ ... فكانا كدر ذائب وعقيق

على قمري أفقٍ وأرض تقابلا ... فمن شائق حلو الهوى ومشوق

فما زلت أسقيه وأشرب ريقه ... وما زال يسقيني ويشرب ريقي

وقلت لبدر التم: تعرف ذا الفتى ... فقال: نعم، هذا أخي وشقيقي وهذه الأبيات من أملح الشعر وأطرفه، والبيت الأخير منها يستمد (٤) من معنى قول أبي بكر محمد بن عيسى الداني المعروف بابن اللبانة الأندلسي في مدح المعتمد بن عباد صاحب إشبيلية - المقدم ذكره (٥) - من جملة قصيدة طويلة:

سألت أخاه البحر عنه فقال لي: ... شقيقي إلا أنه الساكن العذب ما كفاه أنه جعله شقيق البحر حتى رجحه عليه، فقال " الساكن العذب " والبحر مضطرب ملح (٦) ، وهذا من خالص المدح وأبدعه، وأول هذه القصيدة:


(١) انظر ج ٢: ٥١٥.
(٢) بر: محيريز.
(٣) بر: في الصباح.
(٤) بر من: مستمد.
(٥) انظر ج ٥: ٣٩.
(٦) كذا في ن والمختار، وفي سائر النسخ: مالح.

<<  <  ج: ص:  >  >>