للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المظفر يوسف، فدخل عليه وبايعه وأقره على وزارته وأكرمه، وكان خائفاً منه أن يعزله فلم يعزله (١) ولم يتعرض له، ولم يزل مستمراً في وزارته إلى حين وفاته.

ومدحه جماعة من أماثل شعراء عصره: منهم أبو الفوارس سعد بن محمد المعروف بابن صيفي الملقب حيص بيص - المقدم ذكره (٢) - وله فيه مدائح منتخبة، فمن ذلك قوله:

يهز حديث الجود ساكن عطفه ... كما هز شرب الحي صهباء قرقف

ويرسو إذا طاشت حبا القوم واغتدت ... صعاب الذرا من زعزع الخطب ترجف

صروم الدنايا هاجر كل سنة ... ولكنه بالمجد صب مكلف

يضيق بأدنى العار ذرعاً وصدره ... بأهوال ما يدني من الحمد نفنف

إذا قيل عون الدين يحيى تألق ال ... غمام وماس السمهري المثقف وكانت عوائدهم في بغداد في شهر رمضان أن الأعيان يحضرون سماط الخليفة عند الوزير، وهم يسمون السماط " الطبق " وكان حيص بيص في جملة من يحضر الطبق، وكانت نفسه أبية وهمته عربية، وإذا أحضروا الطبق تخطاه وقعد فوقه من أرباب المراتب جماعة ليس فيهم فضل، فيجد في نفسه لذلك مشقة عظيمة فكتب إلى الوزير عون الدين يستعفيه عن الحضور (٣) :

يا باذل المال في عدمٍ وفي سعةٍ ... ومطعم الزاد في صبحٍ وفي غسق

وحاشر الناس أغنتهم فواضله ... إلى مزيدٍ من النعماء مندفق

في كل بيت خوان من مكارمه ... يميرهم وهو يدعمهم إلى الطبق

فاض النوال فلولا خوف منعمةٍ ... من بأس عدلك نادى الناس بالغرق

وكل أرض بها صوب وساكبة ... حتى الوغى من نجيع الخيل والعرق


(١) فلم يعزله: سقطت من ر ق ع س بر من: وورد بعدها: فلم يعرض له.
(٢) انظر ج ٢: ٣٦٢.
(٣) انظر الخريدة (قسم العراق) ١: ٢٨٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>