لنوابه، فقالوا له: يا مولانا هذا ابن زبادة عليه من الحقوق أضعاف ذلك، ومتى حاسبته قام بما يتم الحمل وزيادة، فاستدعاه وقال له: لم لا تؤدي كما يؤدي الناس فقال: أنا معي خط الإمام المستنجد بالمسامحة، قال: هل معك خط مولانا الإمام الناصر قال: لا، قال: قم واحمل ما يجب عليك، قال: ما ألتفت إلى أحد ولا أحمل شيئاً. ونهض من المجلس، فقال النواب لابن رئيس الرؤساء: أنت صاحب الوسادتين وناظر النظار، وما على يدك يد، ومن هو هذا حتى يقابلك بمثل هذا القول ولو كبست داره وأخذت ما فيها ما قال لك أحد شيئاً، وحملوه عليه حتى ركب بنفسه وأجناده، وكان ابن زبادة يسكن قبالة واسط، وقدموا إلى ابن رؤساء السفن حتى يعبر إليه، وإذا بزبزب قد قدم من بغداد، فقال: ما قدم هذا إلا في مهم، ننظر ما هو ثم نعود إلى ما نحن بسببه، فلما دنا من الزبزب فإذا فيه خدم من خدام الخليفة، فصاحوا به: الأرض الأرض، فقبل الأرض وناولوه مطالعة، وفيها: قد بعثنا خلعة ودواة لابن زبادة، فتحمل الخلعة على رأسك والدواة على صدرك، وتمشي راجلاً إليه وتلبسه الخلعة وتجهزه إلينا وزيراً، فحمل الخلعة على رأسه والدواة على صدره ومشى إليه راجلاً، فلما رآه ابن زبادة أنشده ابن رئيس الرؤساء:
إذا المرء حي فهو يرجي ويتقي ... وما يعلم الإنسان ما في المغيب وأخذ يعتذر إليه، فقال له ابن زبادة، فقال له ابن زبادة: لا تثريب عليكم اليوم، وركب في الزيزب إلى بغداد، وما علموا أن أحداً أرسلت إليه الوزارة غيره، فلما وصل إلى بغداد كان أول ما نظر فيه أن عزل ابن رئيس الرؤساء عن نظر واسط قال: هذا ما يصلح لهذا المنصب، ثم قال الأصيل: ولا يأمن مولانا أن يخرج الملك الصالح ويملك ويعود إليه رسولاً ويقع وجهك في وجهه وتستحيي منه، فأنشده محيي الدين قوله:
وحتى يؤوب القارظان كلاهما ... وينشر في الموتى كليب لوائل فما كان إلا مديدة حتى خرج الملك الصالح من حبس الكرك وملك مصر وكان ما كان. وقلت: وكنت بمصر ومحيي الدين بها رسول إلى الملك