للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ودعاهم داعي الحقائق دعوة ... فغدوا بها مستأنسين وراحوا

ركبوا على سنن الوفا فدموعهم ... بحر وشدة شوقهم ملاح

والله ما طلبوا الوقوف ببابه ... حتى دعوا وأتاهم المفتاح

لا يطربون بغير ذكر حبيبهم ... أبداً فكل زمانهم أفراح

حضروا وقد غابت شواهد ذاتهم ... فتهتكوا لما رأوه وصاحوا

أفناهم عنهم وقد كشفت لهم ... حجب البقا فتلاشت الأرواح

فتشبهوا إن لم تكونوا مثلهم ... إن التشبه بالكرام فلاح

قم يا نديم إلى المدام فهاتها ... في كاسها قد دارت الأقداح

من كرم إكرام بِدنّ ديانة ... لا خمرة قد داسها الفلاح وله في النظم والنثر أشياء لطيفة لا حاجة إلى الإطالة بذكرها. وكان شافعي المذهب، ويلقب بالمؤيد بالملكوت، وكان يتهم بانحلال العقيدة والتعطيل ويعتقد مذهب الحكماء المتقدمين، واشتهر ذلك عنه، فلما وصل إلى حلب أفتى علماؤها بإباحة قتله بسبب اعتقاده وما ظهر لهم من سوء مذهبه، وكان أشد الجماعة عليه الشيخين: زين الدين ومجد الدين ابني جهبل.

وقال الشيخ سيف الدين الآمدي - المقدم ذكره في حرف العين (١) -: اجتمعت بالسهروردي في حلب، فقال لي: لا بد أن أملك الأرض، فقلت له: من أين لك هذا قال: رأيت في المنام كأني شربت ماء البحر، فقلت: لعل هذا يكون اشتهار العلم وما يناسب هذا، فرأيته لا يرجع عنا وقع في نفسه، ورأيته كثير العلم قليل العقل، ويقال: إنه لما تحقق القتل كان كثيراً ما ينشد:

أرى قدمي أراق دمي ... وهان دمي فها ندمي والأول مأخوذ من قول أبي الفتح علي بن محمد السبتي - المقدم ذكره (٢) -:

إلى حتفي مشى قدمي ... أرى قدمي أراق دمي


(١) ج ٣: ٢٩٣.
(٢) ج ٣: ٣٧٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>