قلت: وقد تكرر ذكر الحرة في هذه الترجمة في مواضع، وقد يتشوف إلى الوقوف على معرفة ذلك من لا علم له به.
والحرة في الأصل اسم لكل أرض ذات حجارة سود، فمتى كانت بهذه الصفة قيل لها حرة، والحرار كثيرة، والمراد بهذه الحرة حرة واقم، بالقاف المكسورة، وهي بالقرب من المدينة في جهتها - كان يزيد بن معاوية بن أبي سفيان في مدة ولايته قد سير إلى المدينة جيشاً مقدمه مسلم بن عقبة المري فنهبها، وخرج أهلها إلى هذه الحرة، فكانت الواقعة بها، وجرى فيها ما يطول شرحه وهو مسطور في التواريخ، حتى قيل إنه بعد وقعة الحرة ولدت أكثر من ألف بكر من أهل المدينة، ممن ليس لهن أزواج، بسبب ما جرى فيها من الفجور.
ثم إن مسلم بن عقبة المري لما قتل أهل المدينة وتوجه إلى مكة، نزل به الموت بموضع يقال له: ثنية هرشى، فدعا حصين بن نمير السكوني وقال له: يا برذعة الحمار، إن أمير المؤمنين عهد إلي إن نزل بي الموت أن أوليك، وأكره خلافه عند الموت. ثم إنه أوصى إليه بأمور يعتمدها ثم قال: لئن دخلت النار بعد قتلي أهل الحرة إني إذاً لشقي.
وأما واقم فإنه اسم أطم من آطام المدينة، والأطم: بضم الهمزة والطاء المهملة، شبيه بالقصر، وكان مبنياً عند هذه الحرة فأضيفت الحرة إليه، فقيل حرة واقم، والله أعلم.