للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وطبرستان ودهستان وفتحها، وذلك في سنة ثمان وتسعين. وقتل من أصحاب يزيد على حصار بعض قلاع جرجان خمسة آلاف رجل، فحلف يزيد يميناً مغلظة أنه ليقتلهم حتى تطحن الرحى بدمائهم، فأكثر من قتلهم، وكانت الدماء لا تجري حتى صب عليها الماء فجرت فطحنت، وأكل مما طحنت بدمائهم.

ثم مات سليمان بن عبد الملك يوم الجمعة لشعر ليال بقين من صفر سنة تسع وتسعين للهجرة، وقيل لعشر ليال مضين من صفر، والله أعلم بالصواب، بدابق، قرية شمالي حلب، وعهد إلى عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه، فعزل عمر في هذه السنة يزيد بن المهلب عن العراق (١) ، وجعل مكانه عدي بن أرطاة الفزاري، فأخذ يزيد وأوثقه، وبعث به إلى عمر بن عبد العزيز، وقد كان عمر يبغض يزيد وأهل بيته، ويقول: هؤلاء جبابرة ولا أحب أمثالهم، وكان يزيد يبغض عمر ويقول: إني لأظنه مرائياً. ولما وصل يزيد سأله عمر عن الموال التي كتب بها إلى سليمان فقال: كنت من سليمان بالمكان الذي قد رأيت، وإنما كتبت إلى سليمان لأسمع الناس به، وقد علمت أن سليمان لم يكن ليأخذني بشيء مما سمعت، ولا بأمر أكرهه، فقال عمر: ما أجد في أمرك إلا حبسك، فاتق الله وأد ما قبلك فإنها حقوق المسلمين ولا يسعني تركها، فرده إلى محبسه.

وذكر البلاذري في كتاب " فتوح البلدان " (٢) في الفصل المتضمن حديث جرجان وطبرستان، أن يزيد بن المهلب لما فرغ من أمر جرجان سار إلى خراسان فتلقته الهدايا، ثم ولى ابنه مخلداً خراسان، وانصرف إلى سليمان، فكتب إليه إن معه خمسة وعشرين ألف ألف درهم، فوقع الكتاب في يد عمر بن عبد العزيز، فأخذ يزيد به وحبسه، والله أعلم.

وبعث (٣) عمر إلى الجراح بن عبد الملك الحكمي فسرحه إلى خراسان، ثم قدم


(١) انظر الطبري ٢: ١٣٥٠.
(٢) فتوح البلدان: ٤١٤.
(٣) عاد إلى النقل عن الطبري: ١٣٥٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>