للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عدنا إلى حديث ابن هبيرة:

وكان من خبره أن جيوش خراسان التي كان مقدمها قحطبة ثم ولده الحسن من بعد استظهرت عليه فهزمت عسكره، ولحق ابن هبيرة بمدينة واسط فتحصن فيها ثم وصل أبو العباس عبد الله بن محمد بن علي بن عبد الله بن العباس بن عبد المطلب رضي الله عنه الملقب بالسفاح وأخوه أبو جعفر عبد الله بن محمد الملقب بالمنصور من الحميمة، بضم الحاء المهملة، القرية التي كانت مسكن بني العباس في أطراف الشام من أرض البلقاء إلى الكوفة، وبها جماعة من أشياعهم ونوابهم ومن قام معهم بإقامة دولتهم وإزالة دولة بني أمية التي أميرها إذ ذاك مروان بن محمد بن الحكم الأموي المعروف بالجعدي والمنبوز بالحمار آخر ملوكهم، فلما وصلوا إلى الكوفة بويع أبو العباس السفاح بها يوم الجمعة لثلاث عشرة ليلة مضت من شهر ربيع الآخر سنة اثنتين وثلاثين ومائة، وقيل إن المبايعة كانت في شهر ربيع الأول، والأول أصح.

وظهر أمر بني العباس وقويت شوكتهم، وأدبرت دولة بني مروان، فعند ذلك وجه السفاح أخاه أبا جعفر إلى واسط لحرب يزيد بن عمر بن هبيرة، فجاء المنصور إلى المعسكر الذي مقدمه الحسن بن قحطبة، وهو مقابل يزيد بن هبيرة (١) بواسط، فنزل فيه.

قال أبو جعفر الطبري في تاريخ الكبير (٢) : وجرت السفراء بين أبي جعفر المنصور وبين ابن هبيرة، حتى جعل له أماناً وكتب به كتاباً، فمكث يشاور فيه العلماء أربعين ليلة حتى رضيه ابن هبيرة، ثم أخذه إلى أبي جعفر، فأنفذه أبو جعفر إلى أبي العباس السفاح فأمر بإمضائه له، وكان رأى أبي جعفر الوفاء له بما أعطاه. وكان أبو العباس السفاح لا يقطع أمراً دون أبي مسلم الخراساني صاحب الدعوة، وكان لأبي مسلم عين على السفاح يكتب إليه بأخباره كلها،


(١) س: يزيد بن عمر بن هبيرة.
(٢) تاريخ الطبري ٣: ٦٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>