أليم - هذا مع كل حالف، فمنهم من يرجع عن اليمين؛ وكان يحاسب أمناءه في كل شهر ويسأل عن الشهود.
قال أبو حاتم ابن أخي بكار: قدم على عمي رجل من البصرة له علم وزهادة ونسك فأكرمه وقربة وأدناه، وذكر أنه كان معه في المكتب، فمضت به الأيام فجاء في شهادة ومعه شاهدان من شهود مصر فردياً عند عمي فما قبل شهادته، فقلت لعمي: هذا رجل زاهد وأنت تعرفه، قال: يا ابن أخي ما رددت شهادته إلا أنه كنا صغاراً وكنا على مائدة عليها أرز وفيه حلوى فنقبت الأرز بإصبعي فاقل لي: أخرقتها لتغرق أهلها فقلت له: أتهزأ بكتاب الله تعالى على الطعام ثم أمسكت عن كلامه مدة، وما أقدر على قبوله وأنا أذكر ذلك منه.
ولم يزل على القضاء إلى أن جرى بينه وبين أحمد بن طولون ما جرى وذلك ان المعتمد على الله تعالى ابن جعفر المتوكل لما ولي الخلافة عقد لأخيه أبي أحمد ولقبه الموفق وأقبل المعتمد على لذاته واشتغل عن الرعية، فغلب على الأ نمر وقام به أحسن قيام وأتمه، فسار المعتمد في جمادى الآخرة سنة سبع وستين ومائتين يريد مصر بمكاتبة جرت بينه وبين أحمد بن طولون لما كان ابن طولون بدمشق، فلما بلغ الموفق ذلك وهو في قتال صاحب الزنج أنفذ غسكراً عليه إسحاق بن كنداج، فرد المعتد وسلمه إلى صاعد بين مخلد وحجر عليه، فكتب ابن طولون أن الموفق نكث بيعة المعتمد وأمر بجمع القضاة والفقهاء والأشراف وسيرهم إلى دمشق فاجتمعوا بها، وخلع الموفق لأن الفقهاء أفتوا بخلعه إلابكار ابن قيبة فقال له: أنت أوردت علي كتاباً من المعتمد ان الموفق ولي عهده فأورد علي كتابا منه بخلعه، فقال: هو الآن مغلوب مقهور، وأنا أحبسك حتى يرد كتابه، فقيده وحبسه واسترجع منه ما كان دفعه إليه من جوائزه، وولى أحمد بن طولون محمد بن شاذان الجوهري. ولم يزل بكار محبوساً إلى أن اعتل أحمد ابن طولون سننة سبع ومائتين، ولما مات قيل لبكار: انصرف إلى منزلك، فقال: الدار بأجرة وقد صلحت لي، فأقام وجاء أصحاب الدار يطلبون أجرة ما مضى فقال بكار: على مذهبي الغاصب لا أجرة عليه ولكن أدفع لكم في المستقبل