للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تراه في الأمن في درع مضاعفة ... لا يأمن الدهر أن يدعى على عجل

لله من هاشم في أرضه جبل ... وأنت وابنك ركنا ذلك الجبل فقلت: لا أعرفه يا أمير المؤمنين، فقال: سوأةً لك من سيد قوم يمدح بمثل هذا الشعر ولا يعرف قائله، وقد بلغ أمير المؤمنين فرواه ووصل قائله، هو مسلم بن الوليد، فانصرفت ودعوت به ووصلته ووليته.

قلت: وهذان البيتان من جملة القصيدة التي ذكرت منها الأبيات قبلها.

وقد روي أن عمه معن بن زائدة كان يقدمه على أولاده، فعاتبته امرأته في ذلك وقالت له: كم تقدم يزيد ابن أخيك وتؤخر بنيك، ولو قدمتهم لتقدموا ولو رفعتهم لارتفعوا، فقال لها: إن يزيد قريب مني وله علي حق الولد إذ كنت عمه، وبعد فإن بني ألوط بقلبي وأدنى من نفسي، ولكني لا أجد عندهم من الغناء ما عنده، ولو كان ما يضطلع به يزيد في بعيد لصار قريباً أو عدم لصار حبيباً، وسأريك في هذه الليلة ما تبسطين به عذري، يا غلام اذهب فادع جساساً وزائدة وعبد الله وفلاناً وفلاناً، حتى أتى على جميع أولاده، فلم يلبثوا أن جاؤوا في الغلائل المطيبة والنعال السندية، وذلك بعد هدأة من الليل، فسلموا وجلسوا، ثم قال معن: يا غلام ادع يزيد، فلم يلبث أن دخل عجلاً وعليه سلاحه، فوضع رمحه بباب المجلس ثم دخل، فقال له معن: ما هذه الهيئة يا أبا الزبير فقال: جاءني رسول الأمير فيبق وهمي إلى أنه يريدني لمهم، فلبست سلاحي وقلت: إن كان الأمر كذلك مضيت ولم أعرج، وإن كان على غير ذلك فنزع هذه الآلة عني من أيسر شيء، فقال معن: انصرفوا في حفظ الله، فلما خرجوا قالت زوجته: قد تبين لي عذرك، فأنشد متمثلاً:

نفس عصامٍ سودت عصاما ... وعلمته الكر والأقداما وصيرته ملكاً هماماً ... وإلى هذه الحالة أشار مسلم بن الوليد بقوله:

تراه في الأمن في درع مضاعفة (١) ... .........


(١) أكمل البيت في ر.

<<  <  ج: ص:  >  >>