للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المؤمنين أما إن أحق ما حق القوم فليس عندي، وكن رأيت مجلساً وسمعت نفساً حثيثاً وانتهازاً ورأيته مستبطنها، فقال عمر رضي الله عنه: رأيته يدخل كالميل في المكحلة فقال: لا، وقيل قال زياد: رأيته رافعاً رجليها فرأيت رجليها خصييه تتردد إلى بين فخذيها ورأيت حفزاً شديداً وسمعت نفساً عالياً (١) ، فقال عمر رضي الله عنه رأيت يدخله ويخرجه كالميل في المكحلة فقال: لا، فقال عمر رضي الله عنه: الله أكبر قم إليهم فاضربهم، فقام إلى أبي بكرة فضربه ثمانين وضرب الباقين، وأعجبه قول زياد، ودرأ الحد عن المغيرة. فقال أبو بكرة بعد أن ضرب: أشهد أن المغيرة فعل كذا وكذا، فهم عمر رضي الله عنه أن يضربه حداً ثانياً، فقال له علي بن أبي طالب رضي الله عنه: إن ضربته فارجم صاحبك، فتركه. واستتاب عمر أبا بكرة فقال: إنما تستتيبني لتقبل شهادتي، فقال: أجل، فقال: لا أشهد بين اثنين ما بقيت في الدنيا. فلما ضربوا الحد قال المغيرة: الله أكبر، الحمد لله الذي أخزاكم، فقال عمر رضي الله عنه: بل أخزى الله مكاناً رأوك فيه.

وذكر عمر بن شبة في كتاب " أخبار البصرة " أن أبا بكرة لما جلد أمرت أمه بشاة فذبحت وجعلت جلدها على ظهره، فكان يقال ما ذاك إلا من ضرب شديد. وحكى عبد الرحمن بن أبي بكرة أن أباه حلف لا يكلم زياداً ما عاش، فلما مات أبو بكرة كان قد أوصى أن لا يصلي عليه زياد وان يصلي عليه أبو برزة الأسلمي، وكان النبي صلى الله عليه وسلم آخى بينهما، وبلغ ذلك زياداً فخرج إلى الكوفة. وحفظ المغيرة بن شعبة ذلك لزياد وشكره.

ثم إن أم جميل وافقت عمر بن الخطاب رضي الله عنه بالموسم، والمغيرة هناك فقال له عمر: أتعرف هذه المرأة يا مغيرة قال: نعم هذه أم كلثوم بنت علي، فقال له عمر: أتتجاهل علي والله ما أظن أبا بكرة كذب عليك، وما رأيتك إلا خفت أن أرمى بحجارة من السماء.

قلت: ذكر الشيخ أبو إسحاق الشيرازي في أول باب عدد الشهود في كتاب " المهذب ": وشهد على المغيرة ثلاثة: أبو بكرة ونافع وشبل بن معبد،


(١) زاد في المختار هنا قولاً سيجيء من بعد، على طريقته في جمع الأشباه في موضع واحد.

<<  <  ج: ص:  >  >>