للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والثانية: نعمة العافية التي لا تطيب الحياة إلا بها، والثالثة نعمة الغنى التي لا يتم العيش إلا بها.

وقال علي بن الجعد: سمعت أبا يوسف يقول: العلم شيء لا يعطيك بعضه حتى تعطيه كذلك، وأنت إذا أعطيته كذلك من إعطائه البعض كنت على غرر.

وكان أبو يوسف (١) راكباً وغلامه يعدو وراءه، فقال له رجل: أتستحل أن تعدي غلامك وراءك لم لا تركبه فقال له: أيجوز عندك أن أسلم غلامي مكارباً قال: نعم، قال أبو يوسف: فيعدو معي كما كان يعدو لو كان مكارباً.

وقال يحيى بن عبد الصمد (٢) : خوصم أمير المؤمنين الهادي إلى القاضي أبي يوسف في بستانه (٣) ، وكان الحكم في الظاهر للهادي وفي الباطن خلاف ذلك، فقال الهادي للقاضي أبي يوسف: ما صنعت في الأمر الذي نتنازع إليك فيه فقال: خصم أمير المؤمنين يسألني أن أحلف أمير المؤمنين أن شهوده شهدوا على حق، فقال له الهادي: وترى ذلك قال: فقد كان ابن أبي ليلى يراه، فقال: اردد البستان عليه، وإنما احتال عليه أبو يوسف لعلمه أن الهادي لا يحلف (٤) .

وقال بشر بن الوليد الكندي، قال لي القاضي أبو يوسف (٥) : بينا أنا البارحة قد أويت إلى فراشي فإذا داق يدق الباب دقاً شديداً، فأخذت علي إزاري وخرجت، فإذا هرثمة بن أعين، فسلمت عليه، فقال: أجب أمير المؤمنين، فقلت: يا أبا حاتم، لي بك رحمة، وهذا وقت كما ترى، ولست آمن أن يكون أمير المؤمنين قد دعاني لأمر من الأمور، فإن أمكنك أن تدفع بذلك إلى غد فلعله أن يحدث له رأي، فقال: ما لي إلى ذلك سبيل، قلت: كيف كان السبب


(١) تاريخ بغداد: ٢٤٩.
(٢) المصدر نفسه.
(٣) ر والمختار: بستان.
(٤) علق ابن المؤلف هنا بقوله: " قلت، أعني كاتبها موسى بن أحمد لطف الله به؛ وهذا يقوي نقل من روى أنه تولى القضاء لثلاثة من الخلفاء منهم اهادي، كما تقدم ذكره، والله أعلم ".
(٥) تاريخ بغداد: ٢٥٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>