للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

خمسين ألفاً، وأنا أترك في بيتي بطالاً ويتولى ابني أبو العباس الجسرين ببغداد.

(٣٥٢) قلت: وكان من حديث العباس بن عمرو الغنوي (١) أن القرامطة لما اشتد أمرهم وانتشروا في البلاد وبالغوا في الفتك أرسل إليهم المعتضد بالله في سنة سبع وثمانين ومائتين جيشاً مقدمه العباس المذكور، فاسره أبو سعيد القرمطي رئيس القرامطة في الوقعة، وأسر جميع من معه من الجيش. وفي اليوم الثاني من الوقعة أحضر أبو سعيد القرمطي الأسرى فقتلهم بأسرهم وأحرقهم، وأطلق العباس، فجاء إلى المعتضد وحده، وكان ذلك في آخر شعبان من السنة، وكانت الوقعة بين البصرة والبحرين. وهي قصة طويلة مشهورة، وهذا خلاصتها إذ ليس هذا موضع التطويل في شرحها - وسيأتي ذكرها مع الاستقصاء ف التاريخ الكبير إن شاء الله تعالى.

قلت: والبيتان المذكوران قبل هذا، وأنهما مكتوبان على قبر يعقوب الصفار، وآخر البيت الأول منهما:

وما كنت من ملك العراق بآيس ... هذا نصف بيت من جملة أبيات ترنم بها معاوية بن أبي سفيان الأموي لما تغلب على الشام، وجاءه جرير بن عبد الله البجلي برسالة من علي بن أبي طالب، رضي الله عنه، وكان علي إذ ذاك مقيماً بالكوفة، فلما أدى جرير الرسالة إلى معاوية وانفض المجلس أمر معاوية بنزول جرير في مكان قريب منه، وجعل يترنم بهذه الأبيات تلك الليلة ليسمع جرير، فيعيد ذلك على علي رضي الله عنه، والأبيات المشار إليها هي:

تطاول ليلي واعتراني وساوسي ... لآتٍ أتى بالترّهات البسابس

أتاني جرير والحوادث جمة ... بتلك التي فيها اجتداع المعاطس

أكايده والسيف (٢) بيني وبينه ... ولست لأثواب الدني بلابس

إن الشام أعطت طاعةً يمنيةً ... تواصفها أشياخها في المجالس


(١) انظر الطبري ٣: ٢١٩٦.
(٢) ر: والبيض.

<<  <  ج: ص:  >  >>