للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إحدى وتسعين وخمسمائة. فعلم الفرنج به، فجمعوا خلقاً كثيراً من أقاصي بلادهم وأدانيها (١) . وأقبلوا نحوه.

قلت: ورأيت بدمشق في أواخر سنة ثمان وستين وستمائة جزءاً بخط الشيخ تاج الدين عبد الله بن حمويه شيخ الشيوخ (٢) كان بها، وكان قد سافر إلى مراكش وأقام بها مدة، وكتب فصولاً تتعلق بتلك الدولة فمن ذلك فصل يتعلق بهذه الوقعة فينبغي ذكره (٣) ها هنا، فقال (٤) : لما انقضت الهدنة بين الأمير أبي يوسف يعقوب بن يوسف بن عبد المؤمن صاحب المملكة الغربية وبين الأذفونش الفرنجي صاحب غرب جزيرة الأندلس، وقاعدة مملكته يومئذ طليطلة، وذلك في أواخر سنة تسعين وخمسمائة، عزم الأمير يعقوب وهو حينئذ بمراكش على التوجه إلى جزيرة الأندلس لمحاربة الفرنج وكتب إلى ولاة الأطراف، وقواد الجيوش بالحضور، وخرج إلى مدينة سلا ليكون اجتماع العساكر بظاهرها،. فاتفق أنه مرض مرضاً شديداً حتى أيس منه أطباؤه، فتوقف الحال عن (٥) تدبير ذلك الجيش. فحمل الأمير يعقوب إلى مراكش، فطمع المجاورون له من العرب وغيرهم في البلاد وعاثوا فيها وأغاروا على النواحي والأطراف. وكذلك فعل الأذفونش فيما يليه من بلاد المسلمين بالأندلس، واقتضى الحال تفرقه جيوش الأمير يعقوب شرقاً وغرباً، واشتغلوا بالمدافعة والممانعة، فكثر طمع الأذفونش في البلاد، وبعث رسولاً إلى الأمير يعقوب يتهدد ويتوعد، ويطلب بعض الحصون


(١) ر: أقصى بلادهم وأدناهم.
(٢) كان مفتناً في العلوم عارفاً بالأصلين والفروع والترسل والتواريخ والهندسة والطب، عاد من رحلته إلى الشام سنة ٦٠٠ وكانت وفاته سنة ٦٢٤ (انظر مرآة الزمان: ٧٤٨ وذيل أبي شامة: ١٧٤ والشذرات ٥: ٢١٤ والنفح ٣: ٩٩) .
(٣) ع ر س: ذكرها.
(٤) انظر المصادر السابقة في وصف معركة الأرك (Alarcos) .
(٥) س بر: على.

<<  <  ج: ص:  >  >>