يتصرف في الخدم الديوانية، ثم انتقل إلى العزيز من بعده وتولى وزارة العزيز يوم الجمعة ثامن عشر رمضان سنة ثمان وستين ثلثمائة.
وقال ابن زولاق في تاريخه، بعد ذكر المعز وتاريخ وفاته، ما مثاله: وممن وزر للمعز الوزير يعقوب بن كلّس، وهو أول من وزر للدولة الفاطمية في الديار المصرية، وكان من جملة كتاب كافور، فلما وصل المعز أحسن في خدمته وبالغ في طاعته إلى أن استوزره؛ هذا آخر كلام ابن زولاق.
وقال غيره: كان يعقوب يحب أهل العلم ويجمع عنده العلماء، ورتب لنفسه مجلساً في كل ليلة جمعة يقرأ فيه لنفسه مصنفاته على الناس، وتحضره القضاة والفقهاء والقراء والنحاة وجميع أرباب الفضائل وأعيان العدول وغيرهم من وجوه الدولة وأصحاب الحديث، فإذا فرغ من مجلسه قام الشعراء ينشدونه المدائح.
وكان في داره قوم يكتبون القرآن الكريم وآخرون يكتبون كتب الحديث والفقه والأدب، حتى الطب، ويعارضون ويشكلون المصاحف وينقطونها. وكان من جملة جلسائه الحسين بن عبد الرحيم المعروف بالزلازلي مصنف كتاب الأسجاع. ورتب في داره القراء والأئمة يصلون في مسجد اتخذه في داره؛ وأقام في داره مطابخ لنفسه ولجلسائه، ومطابخ لغلمانه وحاشيته وأتباعه، وكان ينصب كل يوم خواناً لخاصته من أهل العلم والكتاب وخواص أتباعه ومن يستدعيه، وينصب موائد عديدة يأكل عليها الحجاب وبقية الكتاب والحاشية. وصنع في داره ميضأة للطهور بثمانية بيوت تختص بمن يدخل داره من الغرباء. وكان يجلس كل يوم عقب صلاة الصبح ويدخل عليه الناس للسلام. وتعرض عليه رقاع الناس في الحوائج والظلامات. وقرر عند مخدومه العزيز جماعة جعلهم قواداً يركبون بالمواكب والعبيد، ولا يخاطب واحد منهم إلا بالقائد، وكان من جملة هؤلاء القواد القائد أبو الفتوح فضل بن صالح الذي تنسب إليه منية القائد فضل، وهي بليدة بالأعمال الجيزية من الديار المصرية.