للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رأيت أحداً أنزع بحجة من كتاب الله تعالى من أبي يعقوب البويطي. وقال الربيع أيضاً: كان لأبي يعقوب منزلة من الشافعي، وكان الرجل ربما يسأله عن المسألة فيقول له: سل أبا يعقوب، فإذا أجابه أخبره فيقول: هو كما قال. وقال أيضاً: ربما جاء رسول صاحب الشرطة إلى الشافعي فيوجه أبا يعقوب البويطي ويقول: هذا لساني.

وقال الخطيب البغدادي في تاريخه (١) : لما مرض الشافعي مرضه الذي مات فيه جاء محمد بن عبد الحكم ينازع البويطي في مجلس الشافعي، فقال البويطي: أنا أحق به منك، وقال ابن عبد الحكم: أنا أحق بمجلسه منك، فجاء أبو بكر الحميدي، وكان في تلك الأيام بمصر، فقال: قال الشافعي: ليس أحد أحق بمجلسي من يوسف بن يحيى وليس أحد من أصحابي أعلم منه، فقال له ابن عبد الحكم: كذبت، فقال الحميدي: كذبت أنت وكذب أبوك وكذبت أمك، وغضب ابن عبد الحكم، فترك مجلس الشافعي وتقدم فجلس في الطاق، وترك طاقاً بين مجلس الشافعي ومجلسه، وجلس البويطي في مجلس الشافعي في الطاق الذي كان يجلس فيه.

وقال أبو العباس محمد بن يعقوب الأصم (٢) : رأيت أبي في المنام فقال لي: يا بني عليك بكتاب البويطي فليس في الكتب أقل خطأ منه.

وقال الربيع بن سليمان (٣) : كنت عند الشافعي أنا والمزني وأبو يعقوب البويطي، فنظر إلينا فقال لي: أنت تموت في الحديث، وقال للمزني: هذا لو ناظره الشيطان قطعه أو جدّله، وقال للبويطي: أنت تموت في الحديد، قال الربيع: فدخلت على البويطي أيم المحنة فرأيته مقيداً إلى أنصاف ساقيه مغلولة يداه إلى عنقه.

وقال الربيع أيضاً: كتب إليّ أبو يعقوب من السجن: إنه ليأتي علي أوقات لا أحس بالحديد أنه على بدني حتى تمسه يدي، فإذا قرأت كتابي


(١) تاريخ بغداد: ٣٠١.
(٢) متابع للنقل عن تاريخ بغداد؛ وانظر ترجمة الأصم في تذكرة الحفاظ للذهبي: ٨٦٠.
(٣) ورد في ج ٢: ٢٩١.

<<  <  ج: ص:  >  >>