فخرج يوسف بن عمر بنفسه إلى الوليد بن يزيد وحمل من الأموال والأمتعة والآنية ما لم يحمل من العراق مثله، فقدم وخالد بن عبد الله القسري محبوس، فلقيه حسان النبطي ليلاً وأخبره أن الوليد قد عزم على تولية عبد الملك بن محمد بن الحجاج، وأنه لابد له من إصلاح أمر وزرائه، فقال يوسف ليس عندي شيء، فقال له حسان: عندي خمسمائة ألف درهم فإن شئت فهي لك، وإن شئت فارددها إذا تيسرت، فقال له يوسف: أنت أعلم بالقوم ومنازلهم من الوليد، ففرقها على قدر علمك فيهم، ففعل، فقدم يوسف والقوم يعظمونه، وقرر يوسف بن عمر مع أبان بن عبد الرحمن النميري أن يشتري خالد بن عبد الله القسري بأربعين ألف ألف درهم، فقال الوليد ليوسف، ارجع إلى عملك، فقال أبان له: ادفع إليّ خالداً وادفع إليك أربعين ألف ألف درهم، فقال الوليد، ومن يضمن عنك هذا المال فقال: يوسف، فقال ليوسف: أتضمن عنه فقال يوسف: ادفعه إلي فأنا أستأديه خمسين ألف ألف درهم، فدفعه إليه، فحمله في محمل بغير وطاء، وقدم به إلى العراق فقتله، كما شرحته في ترجمته.
ولما قتل الوليد بن يزيد وتولى بعده ابن عمه يزيد بن الوليد بن عبد الملك وأطاعه أهل الشام وانبرم له الأمر، ندب لولاية العراق عبد العزيز بن هارون ابن عبد الملك بن دحية بن خليفة الكلبي، فقال له عبد العزيز: لو كان معي جند لقبلت، فتركه وولاها منصور بن جمهور. وأما أبو مخنف فإنه قال: قتل الوليد بن يزيد بالبخراء في التاريخ المذكور، وبويع يزيد بن الوليد بدمشق، وسار منصور بن جمهور من البخراء في اليوم الذي قتل فيه الوليد إلى العراق، وهو سابع سبعة، فبلغ خبره يوسف بن عمر فهرب، وقدم منصور بن جمهور الحيرة في أيام خلت من رجب، فأخذ بيوت الأموال وأخرج العطاء لأهل العطاء والأرزاق، وولى العمال بالعراق، وأقام بقية أيام رجب وشعبان ورمضان، وانصرف لأيام بقيت منه.
ولما هرب يوسف بن عمر سلك طريق السماوة حتى أتى إلى البلقاء فاستخفى بها، وكان أهله مقيمين فيها، فلبس زي النساء وجلس بينهن