للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يعجز عنها غيره لشجاعته وجرأته، فصارت له حمص والرحبة وغيرهما، وجعله مقدم عسكره.

قلت: ثم خرج شيخنا ابن الأثير بعد هذا إلى حديث سفر أسد الدين إلى الديار المصرية، وما تجدد لهم هناك، وليس هذا موضع هذا الفصل، بل نتم حديث صلاح الدين هذه الترجمة من مبدأ أمره حتى نصير إلى آخره إن شاء الله تعالى، ويندرج فيه حديث المملكة وما صار حالهم إليه، وإن كان قد سبق في ترجمة أسد الدين شيركوه طرف من أخبارهم، لكن ما استوفيته هناك اعتماداً على استيفائه ها هنا إن شاء الله تعالى.

قلت: اتفق أرباب التواريخ أن صلاح الدين مولده سنة اثنتين وثلاثين وخمسمائة بقلعة تكريت لما كان أبوه وعمه بها، والظاهر أنهم ما أقاموا بها بعد ولادة صلاح الدين إلا مدة يسيرة، لأنه قد سبق القول أن نجم الدين وأسد الدين لما خرجا من تكريت، كما شرحناه، وصلا إلى عماد الدين (١) زنكي فأكرمهما وأقبل عليهما، ثم إن عماد الدين زنكي قصد حصار دمشق فلم تحصل له، فرجع إلى بعلبك فحصرها أشهراً، وملكها في رابع عشر صفر سنة أربع وثلاثين وخمسمائة، كما ذكره أسامة بن منقذ المقدم ذكره في كتابه الذي ذكر فيه البلاد وملوكها. وذكر أبو يعلى حمزة بن أسد المعروف بابن القلانسي الدمشقي في تاريخه الذي جعله ذيلاً على تاريخ أبي الحسين هلال ابن الصابي (٢) : أن عماد الدين حاصر بعلبك يوم الخميس العشرين من ذي الحجة سنة ثلاث وثلاثين ثم ذكر في مستهل سنة أربع وثلاثين أنه ورد الخبر بفراغ عماد الدين من ترتيب بعلبك وقلعتها وترميم ما تشعث منها، والله أعلم. وإذا كان كذلك فيكون قد خرجوا من تكريت في بقية سنة اثنتين وثلاثين التي ولد فيها صلاح الدين، أو في سنة ثلاث وثلاثين؛ لأنهما أقاما عند عماد الدين بالموصل، ثم لما حاصر دمشق وبعدها بعلبك وأخذها رتب فيها نجم الدين أيوب، وذلك في أوائل سنة أربع وثلاثين،


(١) المختار: اتصلا بخدمة عماد الدين.
(٢) ذيل تاريخ دمشق: ٢٦٩، ٢٧٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>