للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

له قيمة كبيرة، فداجى الوالي في حقه واطلقه، فاستدعي الوالي إلى مصر لذلك وطولب بمال طائل، فاحتمى ببعض أمراء الدولة، وجعلوا الأقاويل في حق القاضي الأشرف، فاستدعي وصودر إلى أن لم يبق له شي، ولم يكن معه من الأولاد سوى القاضي الفاضل، فحمل على قلبه وتوفي بالقاهرة ليلة الأحد حادي عشر شهر ربيع الأول من سنة ست وأربعين وخمسمائة، ودفن بسفح المقطم. ثم توجه القاضي الفاضل إلى ثغر الإسكندرية، وحضر عند ابن حديد قاضي البلد وناظره، فعرفه بوالده، فعرفه بالسمعة واستكتبه، وأخذ الفرنج عسقلان فحضر إخوته إليه. وكانت مكاتبات ابن حديد ترد إلى مصر بخطه، وهي في غاية البلاغة، فحسده كتاب الإنشاء بها (١) على فضله وخافوا من تقدمه عليهم، فسعوا إلى الظافر به فقالوا: إنه قصر في المكاتبة، وكان صاحب ديوان الإنشاء القاضي الأثير ابن بنان، فيحكى أنه دخل على الظافر فقال له: تكتب إلى ابن حديد بقطع يد كاتبه، فتعصب له ابن بنان وقال: يا مولانا هذا الرجل ما منه تقصير، وإنما حسده هؤلاء الكتاب فسعوا به ليؤذيه مولانا، قال له الظافر: فتكتب إلى ابن حديد ليرسله إلينا ويكتب لنا.

قال ابن بنان: وكنت بعد ذلك في مجلس الظافر، فرأيت القاضي الفاضل وقد حضر وهو قائم بين يديه، ثم استخدمه، والله أعلم.

وقال العماد في " الخريدة "؛ أنشدني مرهف بن أسامة بن منقذ قال، أنشدني الموفق بن الخلال لنفسه من قصيدة:

عذبت ليال بالعذيب حوالي ... وخلت مواقف بالوصال خوالي (٢)


(١) س: كتاب انشائها.
(٢) الخريدة ١: ٢٣٥؛ وهذا البيت جاء ثانياص في س.

<<  <  ج: ص:  >  >>