للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إلي وقال: يا جرير، أترى أم حزرة يرويها مائة ناقة من نعم بمني كلب قلت: يا أمير المؤمنين، إن لم تروها فلا أرواها الله تعالى، قال: فأمر لي بها كلها سود الحدق، قلت: يا أمير المؤمنين، نحن مشايخ وليس بأحدنا فضل عن راحلته، والإبل أباق، فلو أمرت لي بالرعاء (١) ، فأمر لي بثمانية، وكان بين يديه صحاف من الذهب وبيده قضيب، فقلت: ياأمير المؤمنين، والمحلب وأشرت إلى إحدى الصحاف (٢) فنبذها إلي بالقضيب وقال: خذها لا نفعتك، وإلى هذه القضية أشار جرير بقوله:

أعطوا هنيدة تحدوها ثمانية ... ما في عطائهم من ولا سرف قلت: هنيدة - بضم الهاء على صورة التصغير - اسم علم على المائة، وأكثر علماء الأدب يقولون: لا يجوز إدخال اللف واللام عليها، وبعضهم يجيز ذلك، قال أبو الفتح بن أبي حصينة (٣) السلمي الحلبي الشاعر المشهور من جملة قصيدة (٤) :

أيها القلب لم يدع لك في وص ... ل العذارى نصف الهنيدة عذرا يعني خمسين سنة التي هي نصف المائة، والله أعلم.

ولما مات الرزدق وبلغ خبره جريراً بكى وقال: أما والله إني لأعلم أني قليل البقاء بعده، ولقد كان نجماً واحداً وكل واحد منا مشغول بصاحبه، وقلما مات ضد أو صديق إلا وتبعه صاحبه، وكذلك كان. وتوفي في سنة عشر ومائة، وفيها مات الفرزدق كما سيأتي في موضعه إن شاء الله تعالى.

وقال أبو الفرج ابن الجوزي: كانت وفاة جرير في سنة إحدى عشرة ومائة، وقال ابن قتيبة في كتاب " المعارف " (٥) : إن أمه حملت به سبعة أشهر، وفي


(١) د: برعاتها؛ هـ: بالرعاة.
(٢) هـ: الصحائف.
(٣) هو الحسن بن عبد الله بن أبي حصينة المعري (- ٤٥٦ أو التي بعدها) وديوانه مطبوع (دمشق: ١٩٥٦) مع شرح لأبي العلاء المعري.
(٤) ديوانه ١: ٣٠٣ وكتب فيه " هبيدة " موضع " هنيدة " وخفي لذلك على محقق الديوان.
(٥) المعارف: ٥٩٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>