للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لخمس خلون من المحرم أظهروا ذلك، وصعد إبراهيم المنبر، وكان المأمون لما بايع علي بن موسى الرضا بولاية العهد أمر الناس بترك لباس السواد الذي هو شعار بني العباس، وأمرهم بلباس الخضرة، فعز ذلك على بني العباس أيضاً، وكان من جملة الأسباب التي نقموها على المأمون، ثم أعاد لبس السواد يوم الخميس لليلة بقيت من ذي القعدة سنة سبع ومائتين لسبب اقتضى ذلك، ذكره الطبري في تاريخه فلما توجه المأمون من خراسان إلى بغداد خاف إبراهيم على نفسه، فاستخفى، وكان استخفاؤه ليلة الأربعاء لثلاث عشرة ليلة بقيت من ذي الحجة سنة ثلاث ومائتين، وذلك بعد أمور يطول شرحها، ولايحتمل هذا المختصر ذكرها، ثم دخل المأمون بغداد يوم السبت لأربع عشرة ليلة بقيت من صفر سنة أربع ومائتين، ولما استخفى إبراهيم عمل فيه دعبل الخزاعي:

نعر (١) ابن شكلة بالعراق وأهله ... فهفا إليه كل أطلس مائق

إن كان، إبراهيم مضطلعاً بها ... فلتصلحن من بعده لمخارق

ولتصلحن من بعد ذاك لزلزل ... ولتصلحن من بعده للمارق

أنى يكون وليس ذاك بكائن ... يرث الخلافة فاسق عن فاسق ومخارق: بضم الميم وفتح الخاء المعجمة، وزلزل: بضم الزاءين المعجمتين، والمارق: هؤلاء الثلاثة كانوا مغنين في ذلك العصر.

وأخبار إبراهيم طويلة شهيرة.

وقال إبراهيم: قال لي المأمون، وقد دخلت عليه بعد العفو عني: أنت الخليفة الأسود، فقلت: يا أمير المؤمنين، أنا الذي مننت عليه بالعفو، وقد قال عبد بني الحسحاس (٢) :

أشعار عبد بني الحسحاس قمن له ... عند الفخار مقام الأصل والورق

إن كنت عبداً فنفسي حرة كرما ... أو أسود الخلق إني أبيض الخلق


(١) هـ: نفر.
(٢) ديوانه: ٥٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>