إن اصطبار ابنة العنقود إذ حبست ... في ظلمة القار أداها إلى الكاس وقال في المعنى:
من رزق الصبر نال بغيته ... ولاحظته السعود في الفلك
إن اصطبار الزجاج للسبك وال ... نيران أدناه من فم الملك وكان حين دخوله إلى القاهرة كتب إلى أبي الفضل الحصكفي الآتي ذكره رقعة هذه نسختها: التقطت أطال الله بقاء سيدنا الإمام الأجل العالم معين الدين قدوة الشريعة تاج العلماء زين الأدباء من نفيس جوهره الفاخر، وإن حلئت عن بحره العذب الزاخر، ألفاظاً أحيت موات فهمي، وإن كانت تدق عن إدراك وهمي، لا أقول هي السحر الحلال، والماء الزلال، والرياض الأريضة، واللثائم المفضوضة، بل روح الحياة المحبوبة، ونيل الأماني المطلوبة، تحليت من نظمها بالعقود، واحتلبت من زقها ماء العنقود، وعودت فضلاً ذلل عاصيها، وملك أزمتها ونواصيها، وإن زماناً سمح بمثله لغير منسوب إلى بخل، وإن عاق عن الفوز بنظره عوائق الزمان، وغيبني من الاستعداد بمفاكهته شقوة الحرمان، فلساني خطيب بالثناء عليه، وقلبي حيث كنت مرتهن لديه، وأنا أهدي إلى حضرته السامية سلاماً أعذب من السلسبيل، وارق من النسيم العليل، وأصفى من الرحيق، وأذكى من المسك الفتيق، واسأله أن يتحفني بذكر خدمه وأداته، ويحيلني بما حضره من درر ذاته، لأستضيء بنور شعاعه، وافتخر بروايته وسماعه، ومولاي الرئيس الأجل أدام الله علوه يوضح بتصديق أملي، والصفح عن زللي، لا زال منعماً إن شاء الله تعالى.
فكتب أبو الفضل إليه جواباً هذه نسخته: أنا من ألفاظ حضرته بين السور العاصم وسوار المعاصم، إذ خر ذا أشرف للباس، وأفخر بالشرف من اللباس، سور ضرب له باب بين أهل الرحمة وأهل العذاب، وسوار اختلت عندها الألباب، وتحلت بها الأحباب، وهلا زدت هاء فازددت بها بهاء، فقلت بين سورة فضلها لا يكذب، وصورة ترى كل ملك دونها يتذبذب، ولما نبهني من رقدة الذهول، وتيهني عن وهدة الخمول، رفعتني النباهة، ونفعتني الانتباهة